71 : فواصل الْموت على طرقاتنا العامة
(الاثنين 24 أيار 2004)
يسقطون… يسقطون… قتلى وجرحى يسقطون. لا بانفجار سيارة بل بانقلاب السيارة، ولا لعدم وقوفهم على حاجز بل لاصطدامهم بِحاجز مفاجئ، ولا بانبهار بصرهم من الأنوار القوية في الاتجاه الْمعاكس بل بانعدام الإنارة حولهم فوق الطريق وانعدام الْخطوط البيضاء على أسود زفت الطريق فيكون الْمهوار أقرب الأخطار للموت الأكيد تحت الطريق.
كلَّ يومٍ نسمع عنهم. كلَّ يوم نقرأ عنهم. كلَّ يوم يصدمُنا خبرٌ فاجع عنهم. شبابٌ يَموتون على طرقاتنا العامة، والسبب: حاجزٌ مفاجئٌ بدون تنبيهٍ مسبقٍ قبل مسافة، أو فاصلٌ في وسط الطريق بدون إشارات فوسفورية عاكسةٍ تعكس النور منبِّهةً السائق كي يتجنّب الفاصل، أو بسبب عتمةٍ مرعبةٍ على أوتوستراد تلغي القدرة على رؤية أطراف الطريق يُمنة أو يسرةً فتكون الفاجعة ويسقطون، يسقطون، قتلى وجرحى يسقطون، فيما الْمسؤولون غافلون، وعما يعانيه الْمواطنون غافلون، وفي حيثما هم هانئون يرتعون، في هناءتهم يرتعون، وعن شؤون الْمواطنين لاهون وبعيدون.
مسرعون السائقون؟ ربّما. سكارى السائقون مُتَعْتَعون؟ ربّما. طائشون السائقون؟ ربّما. ولكن هل الْحَلّ في إهْمال أبسط إشارات السلامة على الطرقات؟ وهل الْحَلّ في غياب رجال شرطة السير من أقصى النهر الكبير الْجنوبي شمالاً، الى أقصى جورة في الناقورة جنوباً، وإذا وقفوا فعلى جانب الطريق ديكور لا يهُشّ ولا يبُشّ؟
مآتم فاجعيةٌ كلَّ يوم، شبابٌ في توابيت بيضاء ونعوش بُنّيةٍ كلَّ يوم، جرحى في غرف العناية الفائقة كلَّ يوم، مصابون في غرفة العمليات كلَّ يوم، مواطنون في غرف الْمستشفيات كلَّ يوم، وحوادثُ سيرٍ قاتلةٌ ومأساويةٌ كلَّ يوم، وطرقاتُنا سائبةٌ من الأمان كلَّ يوم، لا إشاراتُ سير منبِّهةٌ، لا عاكساتٌ فوسفورية، لا تَحذيراتٌ مسبقَةٌ على تغيرات الطريق، والسير سائبٌ سائب، متروكٌ لفواصل الْموت على طرقاتنا العامة.
والْحل حتى اليوم ليس في الاتكال على الدولة، بل على شعارات: “سارحه والرب راعيها”، و… “لا تسرع يا بابا نحن بانتظارِك”.