الحلقة 36: 75 دولاراً فقط، واستقالت معالي وزيرة الخارجية
(الاثنين 5 نيسان 2004)
يومها اكتمل تحضير الوفد السويدي الى نيويورك للمشاركة في الدورة العادية للأمم المتحدة. وكالعادة، تسلّم كل فرد من أعضاء الوفد بطاقته الائتمانية credit card وفيها المبلغ المدروس المسموح لعضو الوفد أن يصرفه على أمورٍ تتعلق بشؤون الدولة، ويعيد البطاقةَ مصحوبةً بالفواتير. أما أيُّ مصروفٍ آخر، فيدفعه عضو الوفد نقداً من ماله الخاص لا من مال الدولة.
وسافر الوفد الى نيويورك، برئاسة معالي وزيرة الخارجية. وهناك، يوم الأحد، كانت معالي الوزيرة تقوم بجولة في السوق، فدخلت محلاً للثياب النسائية, أعجبها فيه ثوبٌ ثمنه خمسة وسبعون دولاراً. فتحت جزدانها فإذا الكمية النقدية فيه لا تكفي. أعطت الموظف بطاقتها الائتمانية الخاصة بمصروف الوفد الرسمي، وحملت الثوب وخرجت، واعيةً تماماً أنها دفعت من مال الدولة لا من مصروفها الخاص.
وانتهت دورة الأمم المتحدة، وعادت معالي الوزيرة والوفد الى السويد. وهناك، أول ما فعلته صباح اليوم التالي، سارعت الى موظف المال في الوزارة تدفع له نقداً خمسةً وسبعين دولاراً قائلة له: “هذه بطاقتي الائتمانية أُعيدُها إليك مع فواتيرها الخاصة بمال الدولة، وهذه خمسة وسبعون دولاراً نقداً لأنني دفعتُها هناك من بطاقة الدولة، وها أنا أُعيدها الى صندوق الدولة مع الفاتورة المرفقة”.
ويبدو أن ذاك الموظف، لسبب كيدي، أوصل الخبر الى إحدى الصحُف، فصدرت في اليوم التالي بعنوان كبير: “وزيرة الخارجية تسيء أمانة مال الدولة، ولو مؤقتاً”.
ولدى التحقيق مع معالي الوزيرة، اعترفت بالأمر، لا بِـنِيّة سوء الائتمان بل لحاجتها الى مبلغٍ لم تكن تحمله نقداً، وأعادته فور عودتها.
لكن الرأي العام هناك، في دولة القانون والمؤسسات هناك، لم يحتمل الأمر، فأخذ الموضوع يكبَرُ في التداول يكبَر كبقعة الزيت، ما أدى أخيراً بمعالي الوزيرة الى أن….. تقدِّم استقالتها.
طبعاً، لم أروِ هذه القصة لأقارن. طبعاً. لا. معاذ الله.
ولكنني رويتُها لأقول إن هذا ما يعيق السياسيين في السويد من أن يكونوا هناك في مغارة علي بابا.