بيان وزاري؟ بل خطّة نُهوض
السبت 14 تشرين الثاني 2009
– 623 –
“خطة النهوض بالوطن” هي العلامة الأُولى التي يَجدر بالبيان الوزاري أن يكون عليها، بعد طول انتظار تشكيل الحكومة، وبعيداً عن الكليشيهات المألوفة في البيانات الوزارية الكثيرة الوُعود، القليلة العُهود، الضئيلة الأولويات والبُنود.
اليوم اليوم، وبسرعة المبادرة الجريئة الإنقاذية العاجلة، نحتاج في البيان الوزاري خطة نهوض عملية وعملانية.
خطة نهوض ثقافية تؤهّل المواقع الأثرية وتمنع تهريب الآثار وتهتم بالمباني الأثرية فلا يغتالها الأُمّيون، وتحفظ تراثنا المادي والمعنوي، وتؤسّس لمسرح وطني ودار أوپرا، وتهتم بالمتاحف العامة والشخصية، وترعى الفنون على أنواعها، وتدعم قطاع السينما، وترعى حماية الملكية الفكرية، وتحفظ حقوق المؤلفين والملحنين عبر الهيئات الموثوق بها والمولجة قانوناً بتأمين هذه الحقوق.
خطة نهوض سياحية تفعِّل النتائج الرائعة التي أنجزتها وزارة السياحة بتحقيق أفضل أرقام نُموّ في الناتج القومي جعلت السياحة عصباً رئيساً في اقتصادنا الوطني ومحرّكاً أساسياً لقطاعات إنتاجية عدّة. فليؤكّد البيان الحكومي على تعزيز موارد هذه الوزارة فتكون لها رؤية لخطة خمسية ومخطط مستقبلي يستشرف ما ستكون عليه السياحة في لبنان للفترة المقبلة، مع لَحْظ حوافز للاستثمارات ذات نظام ضرائبي واضح يشجّع المستثمرين على إنشاء مشاريع سياحية لهم في لبنان، بعدما لم تعد السياحة عندنا صيفية وحسب، ولا شتوية وحسب، بل باتت في الفصول الأربعة سياحة مستدامة سياحياً وثقافياً وفي كل حقل نابض.
خطة نهوض بيئية بعدما باتت البيئة هَمّ الهموم بما فيها من محاذير تعالجها المنتديات العالمية، فتعمل وزارة البيئة عندنا على حماية مواردنا الطبيعية وتحمي ما يتبقّى من “لبنان الأخضر”.
خطة نهوض تربوية تعمل على تقييم المناهج التربوية والشهادات بآلية واضحة وصارمة معاً، ودراسة الفائض من الموظفين والمعلمين، ومراجعة أوضاع المدرسة الرسمية، والاهتمام بالأنشطة اللاصفية، وتشجيع الموسيقى والرسم والفنون واللغات الأجنبية في المدارس، والتدقيق في مسيرة التعليم العالي (بعدما انفلتت سبحة التراخيص لـ”جامعات” خاصة لا تتوفّر فيها شروط مدرسة ثانوية)، واستبيان العلاقة الوثقى بين متطلبات سوق العمل ومناهج التعليم المهني والتقني الذي يحتاج إعادة نهوض عاجلة لأنه يتيح لأبنائنا فرص عمل يفتقدونها اليوم.
خطة نهوض زراعية ببرامج توعية للمزارعين، وإنشاء زراعات بديلة، وبرمجة تسويق وترويج لِمنتجاتنا الزراعية وحمايتها.
خطة نهوض للأشغال العامة تؤهّل طرقاتنا البائسة والبنى التحتية الهرمة، وتعيد الى سكة الحديد على الشاطئ دورها الحيوي في نقل البضائع – وحتى في نقل الركاب ما يخفف كثيراً من زحمة سير صارت جلجلة اللبنانيين اليومية-، والاهتمام بموانئ الصيادين والمسابح الشعبية وتأمين سلامة روادها، وتأهيل مجاري الأنهار الداخلية ومصباتها وتنفيذ الإجراءات الحازمة والصارمة للأملاك العامة البحرية وإصدار قانون واضح لها.
خطة نهوض لوزارة الداخلية والبلديات توسّع من صلاحية البلديات وتعالج فوراً أوضاع مجالس بلدية متعثّرة أو محلولة تحرم البلدات من الإنماء، مع ضرورة “ترسيم الحدود” بين المحافظة والبلدية (مدينة بيروت تحديداً).
خطة نهوض للطاقة كي يتوقّف عن المواطنين نزف فواتير متعددة الوجهات تقصم قواهم، وحلحلة مشكلة تعرقل نهوض لبنان الصناعي والسياحي والخدماتي، وخطة أخرى لقطاع الاتصالات الذي بات مَحط شكاوى المواطنين بجميع وسائل اتصالاتهم.
بلى: خطة نهوض في البيان الوزاري لكل قطاع في لبنان، لا يعود معها البيان وصفياً إنشائياً بل يحدد خططاً ذات جداول زمنية ينفّذها الوزراء وعليها يحاسبهم الشعب قبل أن يحاسبهم (صُوَرياً) مجلس نواب بعضهم أعضاء فيه أي هم المحاسِب والمحاسَب.هكذا تكون هذه الحكومة، فعلاً، وِفاقية وَحدَوِية اتحادية تخدم كل لبنان.