587: يومُها العالمي؟ متى يومها في العولمة؟

يومُها العالمي؟ متى يومها في العولمة؟
السبت 7 آذار 2009
– 587 –
أيُّ نفعٍ عاد للمرأة منذ صدور قرار الأمم المتحدة سنة 1977 بتخصيص الثامن من آذار سنوياً “يوم المرأة العالمي”؟
ما الذي تغيَّر في حقوقها و”نضالِها” وأوضاعها وإسهامها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟
وما الذي خفّف من فظاظة التعاطي معها تعنيفاً وتَهميشاً وقمعاً (كي لا نتوسّع أكثر في الفظاظة)؟
وهل تكتمل “عولَمة” الرجل التي يباهي بإنجازاتها إن لم تدخلها المرأة من أُفقها الأوسع حتى تكون العولَمة “خصيبة”؟
في موقع “عالَم النساء” الإلكتروني دراسة طويلة موثَّقة لعالِمات اجتماع، بينهنّ سيلفيا شيتر (من الأرجنتين) وجَدَت أن “الحقوق التي حصلت عليها المرأة (قوانين الطلاق والعائلة والصحة النسائية والإجهاض) لا تزال نظرية ولم يتم تطبيقها بعد”. وفي بَحث هِلِن غريس وانغوسا (من أوغندا) “أنّ إحصاء حديثاً عن التعليم أشار الى 96 في المئة من بنات الريف و56 في المئة من بنات المدن لا يزلن أمّيّات ولا يعرفْن أبسط قواعد الحساب”. وفي بَحث ليليان آبراسنكاس (من الأُورُغواي) أنّ “دخول المرأة ميدان تَخطيط السياسات العامة لا يزال دون حق استقلالية المرأة في القرار، وما زال خاضعاً لتنفيذ النساء قرارات يتّخذها الرجال من دون العودة إليهنّ. وتبقى المرأة أسيرةً بين ما تريد وما تستطيع، بين الإصلاح وحرمانها من الحصول على حقوقها أياً تكن فئتُها الاجتماعية أو الإتنية، بسبب تبعيَّتها المطلقة للرجل”.
في التقرير الموسَّع الذي أصدرتْه “مؤسسة الفكر العربي” عن التنمية في العالم العربي أرقامٌ مُخيفةٌ لِما ترزح تَحته المرأة العربية من حقوق مهضومة وتَهميش قاسٍ صارم وتعامُلٍ فظٍّ مع المرأة في شكل فوقيّ على أنها “دُونِيّة” وتالياً- في مُجتمعات عربية غير قليلة – لا تزال خاضعة، بل تابعة، بل مسحوقة أمام سلطة الرجل في النظام الذّكوريّ.
وفي لبنان، عوض تخبط عبثي في “النسب المطلوبة” و”الحصص المشروعة”، فلننقل الجدال الى مواقعه الطبيعية: أصوات الناخبين والناخبات في قانون انتخابي عادل يشجّع الجديرات والجديرين على الترشُّح بدون اضطرارهم الى الاستزلام لأحد.
وفي دراسة صدرت مؤخراً عن منظّمة الأونسكو أنّ “الدول الأقل فساداً هي التي في مراكز قرارها نساء”، سواء في رأْس الدولة أو في مقاعد الوزراء أو النواب، ما يشير الى أن عقل المرأة في التنظيم يبقى ذا صفاء هادئ بفضل حكمة الأُنوثة، ومسؤول متحدّر من غريزة الأُمومة، وصادق على أساس كلّيّانية عطائها في الحب.
ورغم جهود المرأة في النضال والمقاومة والمطالبة والاعتصام والتظاهر وكتابة التقارير والرسائل والأبحاث والدراسات والمؤلّفات وتنظيم الندوات والمؤتمرات، ما زالت حقوقها “تَتَسَلْحَفُ” على درب الرّجل كي تنال “منه” (عوض أن تنال عليه) حقوقَها في شؤون الأحوال الشخصية أو سلطة الفعل أو بلوغ مراتب القرار السياسي من دون أن تكون في كرسي الحكم لأنها “زوجة” أو “ابنة” أو “شقيقة” أو “مدعومة”.
ومن هنا أن اللواتي (في لبنان نَموذجاً) اخترقْنَ القاعدة ووَصلْنَ وأثبتْنَ نَجاحهنّ الفعلي والميداني في حقل خدمتهنّ (الإداري والسياسي والاجتماعي والإعلامي والثقافي والاقتصادي) ما زلنَ يواجهْنَ واقع أقلِّيَّتِهِنَّ بواقع مُمانعةٍ (خفيَّة غالباً) لا تزال تَحُول دون اتساع مساحة الحضور النسائي في مراكز القرار السياسي أو الإقتصادي.
وما دامت المرأة (عندنا وفي العالم العربي ومعظم الدول النامية) لَم تتسَاوَ بعدُ مع الرجل سواسيةً في الحقوق (من دون تَمييز الجندرة)، وما دامت لَم تأخذ حقوقها بِمواجهة العولَمة في حضورها الذاتي لا في تبعيّةٍ “يَمنحها” إياها الرجل وتبقى عينُه راصدةً نتائجها نَجاحاً (قد يقْبله) أو تفوُّقاً (يصعب عليه قبوله)، فلن يكون “يوم المرأة العالَميّ” إلاّ احتفالات وندوات تنظيرية لا تنفع المرأة على الصعيد العالَمي ولا تشعر بِها العولَمة على صعيد عطاءات المرأة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*