عادت الجمهورية… المُهِم أن ترجع الدولة
السبت 24 أيار 2008
– 548 –
بعد ستة أشهر، عادت رئاسة الجمهورية الى بيتها الجميل في قصر بعبدا. وبعد سنة وستة أشهر عادت بيروت الى بيتها الجميل في وسط بيروت. ولكن… ماذا بعد؟
الذين تَشاجَروا وتكايَدوا وتبادلوا (كلٌّ من متراسه السياسي) تُهَماً وسُباباً وشتائمَ وعباراتٍ يسقط معظمها في العيب، حرّكهُم الريموت كونترول فعادوا من الدوحة معلنين الـ”نعم”، متسابقين الى الكلام على “جهودهم” من أجل لبنان ومصلحة شعب لبنان. عظيم. برافو. سنتظاهر بأننا صدّقناهم. ولكن… ماذا بعد؟
عاد الى الجمهورية رئيسُها، والى بعبدا قصرها، ولكن… ماذا بعد؟ أيكفي الجمهورية أن تكون ليكون الخلاص، وأن تنفتح أبواب القصر ليكون الخلاص؟
الخلاصُ لا تصنعه جمهوريةٌ ذاتُ رئيسٍ وذاتُ قصر، بل تصنعه دولةٌ تؤمن بالرئيس وتعمل له ومعه لا عليه.
الخلاصُ إذاً في الدولة لا في الجمهورية. الجمهورية رئيس وشعب ذو رئيس. الدولة آليَّةٌ يديرها رئيس وتَخدم الشعب.
الذين انتخبوا ميشال سليمان ليبني لبنان، فلْيبادروا معه الى بناء الدولة التي تَحمي لبنان. في السنوات الأخيرة وصلْنا الى أحطّ دركات الفوضى بين أحداث أمنية ومكايدات سياسية وتشنجات سياسيين أنانيين تفرقوا معسكراتٍ ذات منابر وتلفزيونات ومتاريس. فلْيَخرُجوا اليوم من كيدياتِهم ومتاريسهم ومعسكراتِهم ولْينضووا الى خدمة الدولة لا الى جعل الشعب في خدمتهم.
والذين انتخبوا مَن انتخبوا ميشال سليمان، فلْيبادروا الى التخلّي عن التبَعية والزبائنية والقطعانية العميانية الببغاوية، ولْيفهموا بأن الذين فكَّكوا الدولة لا يُمكنهم أن يطلبوا من رئيس الجمهورية إعادة تركيبها إن لم يكونوا هم في خدمة الدولة عوض أن يَجعلوا الدولة في خدمتهم، وأن يتوحّدوا جنوداً في خدمة الشعب لا أن يظلوا قبائل وعشائر يستزلِمون الشعب.
الإنقاذ ليس أعجوبةً يَجترحها رئيس الجمهورية، بل هو عمل جَماعي يتجنّد له سياسيون يتخلّون عن أنانيتهم الى الغيرية، وعن الذات السياسية الشخصية الى السوى الشعبي المستاهلِ الحياةَ بعدما كاد سياسيوه يوصلونه الى الموت.
كل مواطن – في مهنته ووظيفته وعمله وشغله وانشغاله، في قيمه الذاتية والغيرية والجماعية والمجتمعية – فلْيبادر الى واجبه الضميري، مطمئناً عندئذٍ الى أنّ الدولة تَحميه بأعمالِها وأعلامِها وعُمّالِها وقوانينها ودستورها وقضائها وعدلِها ونظامها وانتظامها وقسوة معاقبتها المخالفين ونعمة مكافأتها المستحقين.
الدولة ليست رأس الدولة على شعبها، بل ترؤُّس الحاكم على سياسيين معه في الحُكْم ومسؤولين في أيام حكمه (وزراء، نواب، مدراء عامين، موظفين كبار، مدنيين، عسكريين، أجهزة، دوائر، مسؤولين في كل قطاع،…) يكونون هم خُدّام الناس ولا يَجعلون الناس خُداماً على أعتابِهم وأبواب بيوتِهم ومكاتبهم.
الدولة هي خلاص لبنان. وأُولى مُهمات رئيس الجمهورية، العماد الطَموح بطوباوية حكيمة، أن يوحّد القبائل السياسية اللبنانية الى حزمة سياسيين لا يعملون على الـ”ريموت كونترول” بل يَملكون قرارهم الحازم الحاسم في خدمة لبنان اللبناني.
ميشال سليمان الذي أَسْلَمه لبنان قيادته ست سنوات، لا يُمكنه أن يبني الدولة لوحده، إن لَم يكن كلُّ سياسي خادماً الدولة، وكل مواطن مسؤولاً في خدمة دولةٍ لا تعودُ مَكْسَرَ عصا بل تصبح سقف حماية، فتَحمل هي العصا لِمن يعصى.
وحين تبلغ الدولة هذا المستوى في ضمائر المواطنين، يُمكنهم عندها أن يتَّكلوا على ميشال سليمان لإنقاذ لبنان.