499: “من أجل لبنان” في واشنطن

السبت 2 حزيران 2007
واشنطن – 499 –
كثيرين توافدوا. من مختلف الولايات، بعيدتها والقريبة. جاؤوا يُحْيُون (بل “يدعمون”) انطلاقة حركة “من أجل لبنان” ورئيستها الشاعرة اللبنانية الأميركية مي الريحاني وزملاءها أعضاء مجلس إدارة الحركة التي نشأَت ناذرة عملها للبنان.
في بطاقة الدعوة الى الاحتفال عبارتان، من أمين الريحاني: “بلادي بدأَتْ تنطق. وأنا صوتها المختار، فإذا لم أستجب وأهرع إليها ستَخرس الى الأبد”، ومن جبران: “المعرفة هي القوة الوحيدة التي لا يستطيع الطغاة سلبكم إياها. ما سوى وحده الموت يستطيع إطفاء شعلتها فيكم. الثروة الحقيقية في بلاد، ليست ما لديها من ذهب وفضّة بل في تعلُّم أبنائها وفي استقامتهم”.
ومن بيان تأسيس الحركة: “فيما يواجه لبنان اليوم أخطاراً هائلة تهدد استقلاله ووحدته، وجدنا – نحن اللبنانيين المؤمنين بلبنان المستقبل- واجباً علينا أن نبذل كلَّ جهد لتذكير العالم بأهمية لبنان للسلام والأمان لا في الشرق الأوسط وحسب بل أبعد منه وأوسع. فبأصوات مفكّري لبنان وأدبائه وشعرائه يصل صوته، وأبرزُ الأصوات المسموعة في الشرق والغرب صوتا أمين الريحاني وجبران. إن رأس أهدافنا في حركة “من أجل لبنان” أن نعمل على: إنشاء برنامج التراث اللبناني الأميركي، تنظيم سلسلة مُحاضرات سنوية عن أمين الريحاني، ودعم برنامج كرسي جبران خليل جبران للقيَم والسلام في جامعة ميريلند”.
وعهدت الحركة الى البروفسور سهيل بشروئي تنظيم العمل على تحقيق هذه الأهداف وإدارة تنفيذها، مدعوماً من “مركز أبحاث التراث” في جامعة ميريلند.
كثيرين جاؤوا ليلتها (الجمعة من الأسبوع الماضي في فندق “هايات بارك” – واشنطن) وأصغوا الى مي الريحاني تخطب فيهم بإيمان عن لبنان “الجسور لا الأسوار، لبنان التعددية لا الإحادية، لبنان الحوار لا التوتاليتارية، لبنان المدى المفتوح على الأفكار الخلاّقة لا المغلق على السلفيات الجامدة، لبنان الذي كان ولا يزال يجمع التعددية الى التناسق والتناغم بين عناصرها”.
وأصغوا الى البروفسور سهيل بشروئي يخطب فيهم بحكمة عن لبنان “القوة التوحيدية في عائلة كونية متعددة خرج من أبنائها ثلاثة (الريحاني، جبران، نعيمة) كانت لهم، تماماً كلبنان، مكانة فريدة في الثقافتين الغربية والشرقية. من هنا أنّ فرادة صورة لبنان الشاعرية تضم لبنان الأرض، والجبل، والأرز، والشعب، ومنجم الديانات السماوية الثلاث، وهذا ما جعل للبنان هالةً خاصةً في العالم الغربي فتناول فرادتَهُ الغربيون شعراءَ وكتّاباً ومؤرخين، حتى اعتبره توينبي “نقطة دائرية في قلب التاريخ”.
كثيرين جاؤوا، قلباً واحداً ناضجاً حكيماً، ومن جميع العائلات الروحية اللبنانية ومناطقها في لبنان، ناوين أن يعملوا “من أجل لبنان” موحَّدين هُنا غيرَ منقسِمين، منفطرة قلوبهم على ما يجري في لبنان من تفجيرات (في بيروت) واشتباكات (في الشمال) وانقسامات فئوية مذهبية اصطفافية (في صفوف “مواطنين أغنام وراء سياسيين أصنام”) أصابت في لبنان مقتلاً بتفريق بعض شعبه وتمزيقه الى أزلام وأتباع ومحاسيب وقطعان عمياء تلهث استزلامياً وراء زعيم أو قائد أو سياسي أو مسؤول.
كثيرين جاؤوا مِمّن لم “يتأمركوا” (ابتعاداً عن لبنان والتصاقاً بمصالحهم هنا) بل لا يزالون يوجعهم لبنان ويهمّهم لبنان ويعملون، وهم هُنا في مهجرهم، من أجل لبنان.
وكثيراً مثلَهم كان غضبُهم على مسؤولين في لبنان حكموا (منذ الاستقلال حتى اليوم) فلم يؤسسوا دولة للمواطنين والأجيال المقبلة، بل وطّدوا مزارع وعشائر وقبائل لمصالحهم هم ومستقبل أولادهم هم، حتى إذا جاءت الساعة (كما هي اليوم) بقي اللبنانيون من دون سقف حماية إذا طالبوا به سقطوا في تهمة “الخيانة” لأنهم بطلبه سيُسقطون عن أكتافهم كراسي سياسيين لا يستاهلون، نتيجة عهرهم السياسي، أكثر من الوقوع على حضيض سيجيء يوم لن يرفسهم عليه أحد.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*