السبت 11 حزيران 2005
-411-
يواصل مَجدَ العائلة: من جدّه جبران (صحافياً فسفيراً فوزيراً ذا بصمات عميقة في انطلاق لبنان الاستقلال) الى والده عميدنا غسان (صحافياً فنائباً فوزيراً فنائب رئيس مجلس فسفيراً فمستشار رئيس جمهورية) إليه اليوم نائباً يتوّج بالنيابة مرحلة نضال وطني طويل.
بديهيٌّ أن نقول له “مبروك” بفرح كثير لغليان دمه الوطني النقي الذي شق، بقلمه وخطبه وتصاريحه منذ عشرين عاماً حتى اليوم، تياراً شبابياً لبنانياً يجاهر عالياً بـ”لبنان اللبناني”. غير أن “مبروكَـ”نا مصحوبة بالـ”ولكن”، نقولها، يدُنا على قلبنا، كي يظل “النائب” جبران تويني “نسخةً طبق الأصل” عن جبران الصحافي الذي عهدناه منذ ربع قرن (منذ مطالع رئاسته تحرير “النهار العربي والدولي”) صوت الجرأة بدون تَهَوُّر، والشجاعة بدون ارتجال، والإقدام بدون خطوات عاثرة.
صحيحٌ أننا لا نخاف على جبران تويني النائب من “التكويع” والانحراف، فنحن نعرف ثوابته اللبنانية التي أوصلته الى ساحة النجمة (ولو بدعم من تحالفٍ ليس بعيداً عن توجهاته) لكننا نخشى عليه من الغرق اليائس في مستنقع دينوصورات دهرية جاثمة في مجلس النواب من أيام أرتحششتا ونبوخذنصَّر، ولن يسمحوا لعناصر جديدة شابة بـ”التدخُّل” في تغيير حرف واحد من ناموس نهج سياسي أو تشريعي أو تقليدي هو الذي يُبقيهم حتى اليوم دينوصورات “أرتحششتاويّة”.
ننتظر من صوت جبران تويني النائب أن يظل الصدى (لا العكس) لقلم جبران تويني الصحافي، في المطالبة بالتغيير (لا عنواناً عريضاً ذا كلام استهلاكي رخيص مائع كم عهَّره مرشحو الانتخابات هذه الأيام) بل التغيير المبنيّ على أسس وقواعد ومعايير يريدها الشعب وينتظرها، وهي التي (لا سواها) قادت المليون الى ساحة الحرية في 14 آذار.
ننتظر من جبران تويني وزملائه الوافدين الجدد الى ساحة النجمة (الشباب منهم أو المكرسون الداخلون بتجربة طويلة سياسية أو دبلوماسية أو إدارية) أن تتشكل في المجلس النيابي كتلة جديدة (خارج التحالفات الداخلية في اللجان والكتل السياسية المعلّبة أو المؤلفة لاحقاً جوائز ترضية أو مشروع تحالفات لاحقة) تكون كتلة تغيير حقيقي (أخيراً!!!) ينتظره الشعب لا تغيير يتغرغر به النواب حين هم مرشحون يسترضون القاعدة الشعبية ثم ما إن يستقلّوا السيارة ذات اللوحة الزرقاء حتى يصيبهم فيروس الفوقية فينسون وينفخ في يأْفوخهم بُخار الوصول فلا يعود التغيير إلاّ شعاراً على حيط أو جملةً في يافطة أو عبارةً في لوحة إعلانية انتخابية على ناصية الطريق.
ننتظر من جبران تويني وزملائه الجدد أن يهيّئوا، منذ اليوم، مجلس 2009 برؤية عصرية تطيح المحادل والبوسطات والتحالفات والتشكيلات المعلبة المفروضة التي تتعامل مع الشعب اللبناني قطيعاً صاغراً أو فئران مختبرات.
ننتظر من جبران تويني أن يكلّف أحد مساعديه يجمع له مقالاته وافتتاحياته في “النهار” حتى تكون هي نهجه في السنوات الأربع المقبلة: نهج لبنان اللبناني، نهج التفكير الآتي من المستقبل لا من أدمغةٍ مكلّسة في رؤوس أصحاب العشيرة والمزرعة والقبيلة، نهج التخلُّص من المحسوبية والزبائنية والمعليشيّة الى بناء لبنان الدولة لا لبنان السلطة، نهج بناء قانون يظلل أبناء لبنان سواسية بدون ابن ست وابن جارية، نهج دولة تستعيد أبناءها المهاجرين تحت كل سماء لأن سماء بلادهم موبوءة بنهج سياسيين بنوا مزارع لهم ولم يبنوا دولة لأبناء لبنان، نهج جعل النائب “خادم الشعب” لا الشعب خادم النائب، نهج النضال الدائم لتمتين لبنان الدائم. لهذه ولسواها نقول لجبران تويني “مبروك، ولكن…”، ونرغب إليه أن يكون على مقعده في ساحة النجمة مثلما هو الى مكتبه المطل على ساحة الحرية (مبنى “النهار”) وليكن كل يوم من سنواته الأربع المقبلة: 14 آذار.