السبت 2 آب 2003
– 6 1 3 –
رائدةٌ هي فكرة “جمعية سيدات رأْس الْمتن” هذا الصيف بتأْسيس سمبوزيوم خاص للموزاييك. فبعد نَجاح سمبوزيومين سابقين “أيام رأْس الْمتن للرسم والنحت 2001 و2002” كانت حصيلتُهما 29 منحوتة و151 لوحة من فنانين لبنانيين وعالَميين، لتأْخذ الْمنحوتات طريقَها الى نواصي شوارع رأْس الْمتن وطرقاتِها وساحاتِها وحدائقها العامة، وتتغاوى اللوحات على جدران غالري مُخصصة لَها في “متحف جمعية سيّدات رأْس الْمتن للفن التشكيلي”، وبعدما اشتعل لبنان كلُّه، في معظم بلداته ومدنه وقراه ومصايفه (عاليه العروس، جونيه الْحورية، إهدن الغيداء، النبطية الشجاعة، …) بسمبوزيوماتٍ لـلرسم والنحت ملأت الوسط التشكيلي اللبناني أعمالاً في معظمها جيّد الى مقبول، وبعضها مُمتاز ورائع، كان لا بُدّ من نقطة ضوء مُميَّزة في هذا الوسط الْمنتج، فجاءت هذه من “جمعية سيّدات رأْس الْمتن” بتخصيص سمبوزيوم البلدة بعد اليوم للفسيفساء، حتى تصبح رأْس الْمتن، بعد بضعٍ من السنوات، بلدة الفسيفساء في لبنان، وزهرة الفسيفساء اللبنانية في الْمُحترفات العربية والعالَمية. وإذا واظبَت رأْس الْمتن على هذا الْمنوال السنوي، بالتنظيم الْمُمَنهج والْمنسّق والانتقائي الدقيق للأعمال وأصحابِها، لن يكون بعيداً يومٌ تدخل فيه رأْس الْمتن مواقع الإنترنت العالَمية، وصفحات الْموسوعات الفنية العالَمية على أنّها “بلدة الفسيفساء” الْمميّزة.
بذلك لا تعود رأْس الْمتن رقماً إضافياً آخر في سلسلة البلدات التي تقيم سنوياً مُحترفات رسم ونَحت، بل تتميّز عن سواها فيتميّز بِها لبنان بدخوله هو الآخر في لوائح التميُّز التي كم بات يضيءُ بِها على دول الْجوار والْمنطقة، وأحياناً على دول العالَم.
هكذا، مثلما العباقرة الْمبدعون ميشال وألفرد ويوسف بصبوص نقلوا ضيعة صغيرة منسيّة على خصر البحر اسمها راشانا الى الْخارطة الفنية العالَمية فأَضاؤوا بِها لبنان على خارطة العالَم، سيكون لِـ”جمعية سيّدات رأْس الْمتن” أن تنقل ضيعتها الْجميلة رأس الْمتن من لُؤْلُؤة خضراء في لبنان الى نقطة ضوء أخضر في العالَم، فَتَتَحَقَّقَ مقولةُ ابنها أنيس فريْحة قبل نصف قرن: “إسْمع يا رضا، إنَّ في هذا الْجبل الْمقدس لبنان قمةً لعلها من أجْمل قمم الله على الأرض، هي ضيعتي رأس الْمتن”.
فليهنأ لبنان عندها بلؤلؤته الْجديدة، تَحمله الى عالَمية جديدة مع عالَميات لبنانيةٍ تتكاثر يوماً بعد يوم، كي يتَّضح للُّبنانيين وللعالَم كم أن لبنان – كما يقوله السفير فؤاد الترك – هو “وطن الْجودة لا الكثرة، وطن النوعية لا العددية، وطن الْمواهب لا الْمذاهب، …”، وكم أن اللبناني الْخلاَّق الْمبدع هو الذي يرفد دولته بالعطاء فتبرز الدولة بنت هذا الإبداع، وتصبح هي التي تنتمي إليه فيغفر لَها زلاتِها وتقصيرها وساسة فيها ليسوا على مستوى مَجد لبنان.
وحده الإبداع الْخلاَّق ينقذ صورة لبنان في الْخارج مِمّا يلحق بِها من تشويه سياسي ومالي واقتصادي وبيئي وطبيعي، فيزول التشويه وتبقى بَهيةً في الْخارج صورة لبنان.
وهذه رأْس الْمتن على الطريق. شكراً “جمعية سيّدات رأْس الْمتن”.