السبت 11 كانون الثاني 2003
– 7 8 2 –
شكراً للطيِّـبين الأصدقاء سارعوا إلى الاتصال لَهيفيْن بعد قراءتِهم “الإنذار” (“أزرار” الأسبوع الْماضي).
وشكراً للأحباب الذين أبقوا على الاتصال بِي يومياً منذ اليوم الأول لـ”إنذار الضغط” مواظبين على الاستفسار عن “طلعاته ونزلاته” (وفي طليعتهم حضرة الرفيق الأخ الْمناضل الياس الرحبانِي أمين عام اتّحاد الْمسرسبين في لبنان وسائر الْمشرق).
وإنني، مع عميق الشكر لَهم، هؤلاء الطيّـبين الأوفياء، أسارع إلى طمْأَنتِهم مرتين: الأولى أن الْحادثة عَبَرَت وصارت من الْماضي وعاد “الضغط” الْمشاغب إلى استقراره بعد “غسل القلوب” بيني وبين الإيقاع الْمُتّزن في حياتي اليومية، والأخرى أنني، بذاك الْمقال، لَم أسعَ (كما ظن البعض) إلى استفتاء قراء “أزرار”، ولا (كما “هَمس” البعض الآخر) إلى استدرار العطف والْحنان والاهْتمام. فالأحباب الأصدقاء لَم ينـتظروا هذه الْحادثة كي يُظهروا عاطفتهم نَحوي، هم الذين لَم يتأَخَّروا يوماً عن إحاطتي بِحضورهم ومساندتِهم (سواء في نشاطات “الأوديسيه” أو مؤخراً منذ تأْسيس”مركز التراث اللبناني” في الْجامعة اللبنانية الأميركية). غير أنني شئت الْمقال “إنذاراً” لِجميع أهل القلم والفكر والأدب والشعر والثقافة والنشاط الثقافي، بتنبيههم إلى أن يُخفِّفوا قليلاً من ركضهم وراء الساعة الْخامسة والعشرين في اليوم الواحد، ويتنبّهوا إلى أنّهم يَهرعون عند أقرب كاراج صيانة كي يعالِجوا أصغر وعكة في سيارتِهم بينما يتواطأُون على صحتهم وجسدهم فلا يـبذلون أي جهد أو مراعاة لصيانة هذا الْجسد وتلك الصحة، متجاهلين أنَّ للجسد طاقةً لا يَجوز تَحميلُه فوقَها، وللصحةِ حداً لا يَجوز تَجاوزه، وإلاَّ داهَمهم “الإنذار” كما داهَمنِي.
والأَهَم، أو بالأحرى رديفاً للصحة والْجسد، شئتُ الْمقال تنبيهاً للطيِّـبين الأصدقاء من أصحاب الكتابات والْمؤلّفات، أن يعتنوا، هم بذاتِهم، في توضيب أوراقهم ومَخطوطاتِهم وترتيـبها، كما لو انّهم يهيِّئونَها للطبع أو لإعادة الطبع، حتّى تكون جاهزةً في أي وقت، على حياتِهم أو بعد غيابِهم، لتذهب إلى التوثيق والْحفظ والبقاء. ولا أتَمنّى لكم أبداً مشاركتِي في صدماتٍ ( بل خيـباتٍ فاجعةٍ) تطالِعُنِي هذه الأيام، ومنذ بدء اشتغالِي على جَمع تراث أعلامنا لـ”مركز التراث اللبناني” (في الْجامعة اللبنانية الأميركية) لدى أولاد أعلامنا اللبنانيين الغائبين وأحفادهم. ولن أُسَمّيهم فلو فعلتُ لأثرتُ فضيحة حقيقية حول إهْمال الأولاد والأحفاد تراثَ آباء وأجداد هم من كبارنا، ولو لَم أُبادر إلى مفاوضتهم لأخذ تراث كبارنا هؤلاء وحفظها في “مركز التراث اللبناني” لكان انتهى تراثهم ذاك في الصحاحير والكراتين وعلى التـتخيتة أو تَحت الْمطر على البلكون أو في القبو أو في خزائن العث والغبار.
فيا أيُّها الرائعون الطيّـبون من أصدقائي، إنّما لكم جَميعاً كان ذاك “الإنذار”: خلّوا عيناً لكم على صيانة صحتكم والْجسد، واجعلوا العين الأُخرى على الاهْتمام بكتاباتِكم حفظاً وتنسيقاً، أو فاعهدوا بِها إلى “مركز التراث اللبناني”، ولا تـتّكلوا بِها على ذويكم. وإذا كان صحيحاً أنّ “أولادكم ليسوا لَكُم” فالأصَحّ أن تراثكم ليس لَهم بل لوطنكم. وليسوا هُم – بل أنتم – من سيحفظ تراثكم لِهذا الوطن.