الثلثاء 1 أيار 2001
-199-
فيما تستعد لجنة مهرجانات بعلبك لإطلاق برنامجها الجديد (صيف 2001) حافلاً بكل راق فني وثقافي، ومستعيداً في لياليه اللبنانية نكهة الفن الرحباني (مع مسرحية منصور “أبو الطيب المتنبي”)، هذه بعلبك، مدينتنا التي بها نباهي العالم، تستعد للدخول في ورشة كبرى عبر مشروع حيوي إنمائي طليعي يؤهّل المدينة التاريخية الخالدة لاستقبال مليونين من السياح سنوياً (خاصة بعد تأهيل مطارنا الدولي لزيادة استيعابه). إنه مشروع “بعلبك 2004: السنة العالمية للمحافظة على تراث بعلبك وثروتها الحضارية”. وبلوغاً إلى هذه التظاهرة العالمية، تنشط الجمعيات الأهلية والأندية والهيئات الاجتماعية البعلبكية، تنسيقاً مع رئيس البلدية المحامي غالب ياغي، ومع الناشط الأبرز في المشروع المهندس حسان قانصوه، لإتمام الخطوات التصميمية والتنفيذية لهذا المشروع الكبير الذي سيعيد بعلبك إلى صدارة السياحة في العالم، بما يليق وهذه الصدارة التي تسترجع بعلبكنا العظيمة موقعاً سياحياً أثرياً عالمياً.
أبرز ما في المشروع: الكشف عن كنوز جديدة، حماية المعابدج والآثار والهياكل، إنقاذ الموقع من الزحف المدني، إقامة حدائق ومنتزهات، إنشاء طرق للمشاة، إنشاء أسواق سياحية للمشاة، تأهيل البنى التحتية كاملة، إنشاء استراحة سياحية، تحويل بيت خليل مطران متحفاً، تحويل بيت ابرهيم حيدر معرضاً حرفياً، إصدار منشورات، عقد ندوات، وضع برامج على أقراص مدمجة وأشرطة فيديو للتعريف بالمدينة وموقعها وآثارها.
جميع هذه الأمور تنبهت لها بلدية بعلبك الناشطة، و”طرحت الصوت” على المسؤولين بأن تكلفة المشروع لا تتجاوز كلفة جسر في العاصمة أو بضعة كيلومترات أوتوستراد، مع فارق أن صرف مبلغ على بعلبك العظيمة يبرز لبنان في العالم، بينما صرف المال على جسر أو أوتوستراد يدفن المال في مكان الجسر أو الطريق.
وكم كانت مهمة لفتة بلدية بعلبك أن تمنح صفة “مواطن شرف” لـ”الشيخ ذي اللمسات السحرية” ابن الثالثة والتسعين هاروتين كالايان (زارها قبل أيام بعد غياب ربع قرن، وكان عمل فيها من 1930 إلى 1975 حين غادرها إلى إقامته الحالية في نيوجرزي)، “مهندس بعلبك” صاحب الفضل الأكبر في ترميم القلعة وإعادة تأهيل معالمها ومواقعها الأثرية، بإعادة رصف حجارة فيها كانت منسية ومبعثرة على الأرض، فبنى منها جدارنا ورفع أعمدة، وكان حقاً “المعلم كالايان” الذي أعاد بعلبك نقطة جذب سياحية، وأعطاها من قلبه وحنينه وإيمانه بعظمتها.
ها هي بعلبك، إذاً، واحتنا الخالدة، عنواننا الآخر بعد الأرز، مدينتنا السياحية الأولى، مفخرتنا على لائحة التراث الإنساني، تخضع خلال السنوات الثلاث المقبلة لعملية ترميم تعيد إليها ألق جمالها ورونق بهائها التاريخي الرائع.
دولتنا، في تخطيطها لغد لبناني كبير (هل نتهمها زوراً؟) فلتدعم مشروع “بعلبك 2004” ولتنتقل من التنظير الكلامي عن لبنان السياحة، إلى التنفيذ الفعلي للسياحة في لبنان. وعندها تعود إلى أدراج الهياكل فرق عالمية كبرى، وتصبح بعلبك (النظيفة بيئياً ولوجستياً وجمايلاً) مرنى السياح في العالم، يحجزون عندئذ تذاكر سفرهم إلى وطن ذي عنوانين لائقين بالسياح حضارياً وثقافياً وسياحياً: الأرز وبعلبك.