الخميس 2 تشرين الثاني 2000
– 174 –
يناقش المجلس النيابي، اليوم الخميس، البيان الوزاري الجديد. ويهمنا منه، بين فقراته العديدة والطويلة، الفقرة السابعة التي عنوانها “الثقافة”. ويرسنا أن نقرأ (بين المرات القليلة في بيانات الحكومات) عن اهتمام حكومة جديدة بشأن الثقافة حتّى إدراجها في البيان الوزاري (الفقرة السابعة والأخيرة من الفصل الأول).
واغتبطنا أن يرد في تلك الفقرة كلام على العمل الثقافي من مثل “الثقافة رأس مال لبنان الأول”، و”الإفادة من الخبرات اللبنانية في دول الانتشار”، و”تأهيل المواقع الأثرية”، و”السياحية الثقافية”، و”لبنان الغني بكفايات أبنائه ومواهبهم”، و”تشجيع الإبداع الفني والفكري في الرسم والنحت والمسرح والموسيقى وصناعة الكتاب وتصديره” و”تشجيع وصول إنتاج أدبائنا وفنانينا إلى أبناء المنطقة والعالم”.
يريح جداً هذا الكلام الذي تنوي تحقيقه الحكومة الجديدة، بما سيعطى من حيّز لوزارة الثقافة على تحقيقيه. وكان لافتاً، عند عمليات التسليم والتسلّم في اليومين الماضيين، تشديد بعض الوزراء السابقين عند كلامهم إلى الوزير الخلف على أنهم كانوا أنتجوا أكثر لولا قلة الموازنة المعطاة لوزاراتهم. ومع إقرارنا بصحّة هذا الكلام، يجب أن يتوقف الوزراء عن هذا “النق” ويعملوا على زيادة موازنات وزاراتهم عند مناقشة الموازنة العامة.
مرة أخرى نتوقف حيث يهمنا أكثر: وزارة الثقافة إلى متى سنبقى نتصرّف على أننا بلد فقير عاجز ومقهور؟ وكيف يمكن أن نوازن بين غنى مواهبنا اللبنانية، والتعتير الحاصل في موازنة وزارة الثقافة؟ مثال على ذلك: كيف يمكن الحديث عن “تأهيل المواقع الأثرية” حين موازنة المديرية العامة للآثار ليست سوى 0.8 بالألف من أصل الموازنة العامة (11 مليار ليرة من أصل 9075 ملياراً) وفي معظم هذا الرقم أجور ومصاريف مكتبية عامة، حتى ليبقى من الموازنة رقم شحيح يستحي المسؤول أن يعطيه أجور نقل لمشوار واحد يقوم به المعنيون لـ”تأهيل المواقع الأثرية”.
لا، بهذه الأرقام لا يمكن وزارة الثقافة أن تحقق مشاريع ثقافية كبيرة وردت في البيان الوزاري، وفي طليعتها “اقتصاد المعرفة”، العبارة التي أطلقها الوزير الجديد غسان سلامة فور وصوله إلى مطار بيروت، مما أشار إلى أنه يحمل معه مشروعاً ثقافياً طموحاً متعدد الوجه متشعّب النشاط، خاصة عشية السنة الفرنكوفونية التي يرصد عليها لبنان أهمية قصوى لعودته إلى الخريطة الثقافية العالمية عبر 52 دولة سيستضيفها لبنان في تشرين الأول 2001.
بأرقام التعتير لا يمكن أن ننهض بوزارة نفرح أن يكون وزيرها الجديد واعياً إلى هذا الحدّ أهميتها، ويأتي إليها بكل زخم الشباب الثقيف لإنهاضها فيجعلها وزارة رئيسية بين الوزارات.
الدولي التي تعي أهمية الثقافة إلى هذا الحدّ، فلتكف عن “النق” و”الشحادة” كأننا بلد فقير معدم (فيما وزارات أخرى ترصد أرقاماً هائلة أجوراً وتعويضات ونهايات خدمة وما يستتبعها من ملاحق ولواحق وتقديمات).
وزير الثقافة الجديد فليجعل في رأس اهتماماته: تمويل وزارته، كي يضمن لها صورة على مستوى طموحاته.