147: النوستالجيا الآتية من أدراج بعلبك

الخميس 11 أيار 2000
– 147 –
كانت ضرورية لذاكرتنا وحنيننا، بادرة اللجنة الثقافية في حاكمية الليونز باستذكار استعادي لمهرجانات بعلبك، عبر الاحتفال الكبير الذي تابعناه في قصر الأونيسكو على الشاشة والمنبر، واسترجعنا معه لحظات لبنانية عذبة من “أيم” مهرجان باتت، في مفكرتنا الحاضرة والآتية، ضوءاً بهياً من ذاكرتنا الجماعية.
كما كانت نبيلة بادرة تكريم السيدة التي تحمل هموم المهرجان (لا بدون زميلاتها) طوال ما يزيد عن ربع قرن، بالحزم والحسم والدقة والتدخل في تفاصيل لا يقوم بدونها نجاح: مي عريضة. ويعرف العارفون، وليعرف غير العارفين، أن لجنة مهرجانات بعلبك (من مي عريضة إلى كل واحدة من السيدات) تسهم للبنان في عودته إلى تراث عالمي كم جعل بعلبك محطة ومحطاً لكبار فناني العالم ممن دخل في سيرتهم الذاتية وقوفهم على أدراج بعلبك.
كان احتفال الأونيسكو فرصة ثمينة لأجيالنا الجديدة كي ترى أمجاد بعلبك على الشاشة، وأزياء بعلبك على المسرح (كما روتها أنامل سامية صعب)، ووجوهاً من بعلبك بعضها ما زال ينبض بالخير والعافية (أمدّ الله بعافيتها التي منها عافية لبنان)، وبعضها الآخر غاب وما زال ذكره يرن في حضور ساطع على أدراج بعلبك.
تلك المناسبة، صادفت قبلها بأيام معدودة هدية نادرة وثمينة من الصديق إيلي أبي خليل (أحد أقدم الموظفين في لجنة مهرجانات بعلبك، قبل أن ينتقل إلى كازينو لبنان) هو أول كتابين (بروغرامين) من تاريخ مهرجان بعلبك للعامين 1957
و1959، ليشكّلا تتمة للمجموعة التي في مكتبتي من كتيبات مهرجانات بعلبك.
وعشت معهما لحظات أخرى من أمجاد هذا المهرجان، خاصة في الكتيب الأول طريفاً، بصوره وموضوعاته وحتّى بإعلانات ذاك الزمان، ويعطي صورة بريئة طيبة عن كيفية انطلاق هذا المهرجان لليلتين (31 آب وأول أيلول) مع كلمة افتتاحية من الرئيس كميل شمعون، وكلمة من رئيس لجنة الفن الشعبي اللبناني خليل الهبري (نائب بيروت عهدئذ) وكلمة أخرى عن العادات والتقاليد اللبانية من يوسف ابرهيم يزبك، ثم لمحات (مع صوَر) عن كل من صبري الشريف، وفيروز وعاصي ومنصور الرحباني، ووديعة ومروان جرار، وزكي ناصيف وتوفيق الباشا ونزار ميقاتي ومحمد شامل ومحيي الدين سلام، ونبذة عن سيناريو الحفلة وبرنامجها المفصل التسلسلي، مع أسماء المشاركين رقصاً وتمثيلاً وغناءً.
وفي الكتاب الثاني (1959) “مهرجان الفن الشعبي اللبناني” (28 إلى 31 آب) افتتاحية من الرئيس فؤاد شهاب وكلمة من رشدي المعلوف، وبرنامج الليالي اللبنانية، وقسم أجنبي عن بقية ليالي المهرجان عامئذ (بين 35 تموز و31 آب) بين أروقة معبد باخوس وعلى أدراج معبد جوبيتر.
تلك اللحظات الدافئة (بين احتفال الليونز في قصر الأونيسكو، وهدية ذينك الكتابين من إيلي أبي خليل) كم أتمناها لكل لبناني، فيدرك كم أن مهرجات بعلبك عنوان عالمي للبنان، يتوّجنا على أعلى مستوى دولي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*