السبت 14 آب 1999
– 111 –
اشتراكي في ندوة “التجرية الرحبانية في المسرح الغنائي” (بين فعاليات “مهرجان المحبة”- اللاذقية، الاثنين الماضي، بحضور منصور الرحباني ومشاركة “الخبير” الرحباني غازي أبو عقل وإدارة ثقيفة للندوة من الدكتور علي القيم معاون وزيرة الثقافة الدكتور نجاح العطار التي حضرت الندوة وكانت في رعياتها)، أيقظ بي مجدداً فكرة كانت تراودني (ولا تزال)، وأسعى إلى تحقيقها قبل فوات الأوان وانعدام الفرصة الراهنة: إصدار كامل تراث الأخوين رحباني مطبوعاً.
لا يكفي أن تكون الأعمال الرحبانية (مسرحها والأغنيات المافرقة) مذاعة في معظم الإذاعات عندنا وفي الخارج. ولا يكفي أن تكون الأعمال صادرة على أسطوانات وأخرى مدمجة أو على أرشطة كاسيت، ولعلها الأكثر طبعاً وإعادة طبع وانتشاراً في بيوت الناس وسياراتهم ومؤسساتهم و…ذاكرتهم السمعية (وجزئياً) البصرية.
ذلك أن هذا التراث، منذ وقت غير قصير، أصبح من إرثنا الكلاسيكي الذي يعاد ويستعاد، وهو، بعد وقت غير بعيد، سيصبح (أكثر مما هو الآن) موضوع دراسة أكاديمية وفنية وأدبية. ولا بد من توافره مطبوعاً ليكون في متناول الدارسين والطلاب والباحثين، إن لم يصبح ذات يوم مادة تدريسية مدرسية أو جامعية في الحصص المتخصصة والفروع المسرحية والفنية الجامعية.
ذات فترة، بلغت مني الحماسة أن جمعت عندي نصوص الأعمال المسرحية كاملة، وعدداً كبيراً جداً من القصائد المتفرقة التي اشتهرت ملحنة خارج انسياقها في الأعمال المسرحية. ودفعتني الحماسة إلى عرض هذا المشروع- باندفاع “طوباوي”- على أربعة من كبار ناشرينا في بيروت، فإذا بالجواب واحد من الأربعة معاً: “هذه كتب غير شعبية، ولا قراء لها، خاصة في العالم العربي”.
وحتى اليوم، لا تزال هذه النصوص الرحبانية تنتظر في مكتبي من يقوم لها ناشراً، بتوثيق وتحقيق وصور فوتوغرافية تموقع النصوص المسرحية في إطار تقديمها.
لكنني لم أيأس، ولن. ولا يزال إيماني قوياً باندفاع أحدهم، ذات يوم، لنشر هذا التراث الذي- مسرحياً- هو بين ما سيكون الأكثر دراسة في أدبنا الحديث، و-شعرياً- هو بين أقوى ما صدر من شعر معاصر عندنا في النصف الثاني من القرن العشرين.
وكما تقوم اليوم أوركسترات عالمية بعزف أعمال بيتهوفن وباخ وأوبرات المبدعين المطبوعة نصوصها ونوطاتها، وكما تقوم فرق مسرحية بتقديم أعمال موليير وشكسبير وإيونسكو المطبوعة نصوصها، يجي يوم تصبح فيه ضرورة أن تكون أعمال الأخوين رحباني نصوصاً مطبوعة.