107: سعيد عقل أنضرنا وأفتانا

الجمعة 16 تَموز 1999
– 107 –
حين احتفلنا قبل أيام (4 تَموز الجاري) بعيد ميلاده السابع والثمانين (حفظه الله ذخراً وبركة)، لم نكن نحتفي بشيخ منّا ولا بكبير مسن ككبير العائلة، بل بمثال أعلى في النشاط والحيوية ومد اليد الطموح إلى المستقبلين القريب والبعيد.
فهذا الذي (بورك قلمه) ما زال يدأب ثلاث مرات في الأسبوع على كتابة زاوية (في الزميلة “السفير”) يكنز فيها خلاصة مشاهداته وإحصاءاته ورسالته اللبناية، والذي (بوركت عافيته) ما زال يدأب ثلاث مرات في الأسبوع على التدريس الجامعي (في جامعة سيدة اللويزة)، والذي (بوركت ذاكرته) يعطي محاضرات وأمسيات شعرية وأحاديث متلفزة أكثر من مرة في الشهر الواحد، ليس مثالاً لنا وحسب، بل ظاهرة غير عادية، هو الذي لا نجلس إليه إلاّ ينفح فيما نبرة الطموح والعمل والإنتاج، كأننا نعيش أبداً، كأننا ننتج أبداً، كأننا لسنا إلى زوال.
وفي حدث هو عيد العيد، فاجأنا بصدور ثلاث كتب له جديدة، كنا سمعناها منه أكثر من مرة في سهراتنا والجلسات، في أمسياته والمحاضرات، وها هي اليوم بين دفتين، على أقانة في الشكل (إنتاج مؤسسة ضرغام) جاءت تليق بالمضمون الينبوعي.
1) “حكمة من فينيقيا”: (بالفرنسية) خماسيات شعرية على الوزن الشِّعري الكلاسيكي (الاسكندري، أي من 12 مقطعاً صوتياً في قسمين)، وهو نفسه الذي كتب به مورناي وراسين روائعهما الشِّعرية المسرحية. وعدا ابن الصعوبة ويموت في السهولة والاستسهال)، جاءت هذه الدرر (159 خماسية) مشحونة بالقيم اللبنانية السامية التي بها يبنى وطن وينتر شعب.
2) “عشتريم” (باللغة اللبنانية والحرف اللبناني): فاجعة شعرية من ثلاثة فصول وخاتمة، تروي بطولة بنت صيدونية لم تتمكن من إنقاذ حياة شعبها بشرف، فحققت لهم أن يموتوا بشرف، وركزت بذلك أسطورة لشعب لبنان وتاريخ لبنان ومجد لبنان، يعاد إليها في كتابة الخلود.
3) “ميسا سوليمنيس” (باللغة اللبنانية والحرف اللبناني): وهو القداس الماروني مكتوباً بأروع الشِّعر في صوتين (الكاهن والشعب)، ولعله خلاصة خلاصات الشاعر في مساره اللاهوتي الروحاني، هذا الذي منه تضوع القيم الروحية والفضائل الأخلاقية والروائع الشِّعرية التي قامت عليها حضارة تتكوكب اليوم في تراتيل الفاتيكان.
سعيد عقل، في شعرنا والعصر، أنضرنا وأفتانا.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*