الخميس 8 تشرين الأول 1998
– 67 –
قرية فنية في الورهانية.
على خاصرة الجبل المتهدّل من نبع الصفا، والمواجه منطقة الحرف (تلّة البيري التي على مقلبها مجدل معوش) بدأ عساف عساف يبني قرية فنية فريدة في لبنان والشرق.
شاب في مطلع العقد الثالث (من مواليد 1965)، لفت قبل أعوام بتمثاله المدهش لنبيه أبو الحسن (حالياً على مدخل متحف نبيه في بلدته بتخنيه)، وأنجز أخيراً تِمثالاً للراحل الكبير الآخر شوشو (وكلّ منهما قطعة واحدة بالرخام الأبيض “كارارا بيانكوبي”).
إدهاش عساف عساف: بلوغ إزميله في التمثالين تفاصيل دخلت حتَّى عمق شعيرات الرأس أو الشاربين، في براعة نادرة (عدا أمانة الشبه الكامل) بلغها نَحّات لم يأتِ من الدراسة الأكاديمية، بل من مراس مارسه أولاً مع والده (الشيخ كامل عساف، منفذ أعمال معزز روضة وعارف الريّس ومنى السعودي) ثم مساعداً بدوره في تنفيذ منحوتات الريّس.
هذا المكان الساحر، في قلب الطبيعة، سيحوّله عساف عساف (بدافع ومساعدة من شقيقيه عارف ومنصور) إلى خمسة بيوت، من عقد لبناني قديم، والسطح من تراب ذي نبات، فلا تبدو البيوت من فوق مساحة باطون بشع، بل تظلّ مرجاً جميلاً أخضر من خمس واحات متجانبة.
وهذا الـ”من فوق”، هو “المتحف” الذي ينوي إقامته بتماثيل هيأ تنفيذها لمبدعين لبنانيين في الشِّعر والمسرح والموسيقى والغناء، ومعه مدرج (مسرح طبيعي في الهواء الطلق) يبقى مخصصاً لحفلات التكريم والذكرى والاحتفاءات.
وعلى علوة فوق هذا المكان الساحر الجمال، سيحفر عساف عساف في الصخر العالي وجوهاً هائلة الحجم (بين 6 و10 أمتار) لثلاث شخصيات لبنانية: جبران، نعيمة، كمال جنبلاط، على غرار ما في جبل راشمور، غرب ولاية داكوتا الجنوبية، حيث نحت غاتزون بورغوم في الغرانيت (على علو 1889 متراً) وجوهاً كبيرة (18 متراً) لأربعة رؤساء أميركيين: واشنطن، جفرسون، لينكولن، روزفـِـلت، فبات المكان من أكبر المعالم السياحية في الولايات المتحدة منذ افتـتاحه (1942).
واحة سياحية أخرى في لبنان؟ وفي هذا الحجم؟
ننتظر إزميل عساف عساف.