الخميس 25 حزيران 1998
– 52 –
أفهم أنّهم لا يكتبون “خطاباتهم”.
وأفهم أن لا وقت لديهم للكتابة، لأنهم مشغولون جداً بـ”تظبيط” الوطن.
وأفهم أنهم إذا كتبوا فقرات من آرائهم القيمة المبدعة، يعطونها أحداً من مستشاريهم كي “يروتش” النص فيصبح صالحاً للخطابة.
ولكن لا أفهم كيف يؤتى إليهم بالنصّ مطبوعاً على الكومبيوتر بحروف كبيرة، ومشكلاً تشكيلاً كاملاً: فتحاً وضماً وكسراً وتسكيناً، ومع هذا فاضح معيب هزلي، يَجعل نصّهم عرضة للسخرية عوض أن تكون فيه رسالة أو هدف.
لا يكتبون؟ فهمنا. لا يقرأون أيضاً؟! على الأقل، قبل وصولهم إلى مكان الاحتفال، فليقرأوا النص ولو مرّة واحدة في السيارة، حتَّى يطّلعوا على ما فيه من تشكيل وفواصل ونقاط، فلا يتعثّروا على الميكروفون ويتلعثموا ويسعلوا بحثاً عن حركة حرف، أو عن مطلع عبارة أو جملة أو صفحة.
كاريكاتورية باتت هذه الظاهرة لدى المسؤولين. فليريحونا من هذا الكرنفال المبكي (خصوصاً حين يرتجلون خطاباً على المنبر أو تصريحاً أمام كاميرات التلفزيون) وليتكلموا بالعامية إراحة لأعصابنا وتخفيفاً لسخرية الحضور منهم، ورحمة بالعربية التي علينا احترامها ونحن نخطب بها.
واحترامنا إياها وجه من احترام أنفسنا ونحن في طليعة المبدعين بها إن لم نكن نحن الطليعة.