الخميس 11 حزيران 1998
– 50 –
شكراً لاتحاد الكتّاب اللبنانيين ومَجلّة “الآداب” على بادرتها إلى إحياء أربعين نزار قباني مساء اليوم في دار نقابة الصحافة.
لكننا لم نفهم الحيادية التي جعلتهما يدبجان بطاقة تدعوة إلى “المشاركة في ذكرى أربعين الفقيد” كما لو ان الأخير رجل عادي في الضيعة تدعو عائلته إلى المشاركة بالصلاة عن نفسه في جنار الأربعين. وربما سها عن بال الإخوان أن يزيدوا في بطاقة الدعوة عبارتَي “المغفور له” و”المرحوم”.
“الفقيد” نزار قباني؟ ولو! أإلى هذا الحدّ من العادية نتعامل مع قامة نزار؟
هل يمكن أن نقرأ في بطاقة: “الفقيد شكسبير” أو “الفقيد موزار” أو “الفقيد عاصي الرحباني”؟
“أربعون نزار” كان يجب أن يقال. وكفى. أو في أقصى حدّ: “أربعون نزار قباني” من دون اللجوء إلى التعابير العادية للناس العاديين، أو تعابير صحافة الكليشيهات في تدبيج الألقاب و”فقيد الأدب والشعر” و”فقيد الوطن” وما إليهما.
قد يصدر هذا الأمر عن جمعية في الضيعة، نصفها أميون ونصفها الآخر جهلة. لكنه لا يصدر عن اتحاد كتاب أمينه العام شاعر، ومجلّة صاحبها أديب. فتعابير “الفقيد” و”المرحوم” و”المغفور له” وسواها، تقال للرجال العاديين من مواطنين ورجال اقتصاد ومال وتجارة وأعمال وسياسية. لأنهم يكونون ماتوا يوم ماتوا (وربما قبله)، وغابوا عن الحياة ومن الذاكرة. لكنها لا تقال عن شاعر ما زال بيننا وسيبقى، رحل منه الجسد أم بقي في السرير صاحياً أو في غيبوبة.
فلنتعامل مع غياب الكبار تعاملنا مع حضورهم، وإلاّ فلسنا مستحقين منهم حتَّى نعمة الحضور.