42: جبران على الإنترنت صرفت وقتاً باطلاً

الخميس 9 نيسان 1998
– 42 –
غداً، الجمعة 10 نيسان: الذكرى السابعة والستون لغياب جبران (في الساعة العاشرة والدقيقة الخامسة والخمسين من ليل الجمعة 10 نيسان 1931)، منطفئاً داخل الغرفة 312 في الطابق الثالث من مستشفى سانت فنست على أمتار من صومعته (51 الشارع العاشر غرباً- مانهاتن/نيويورك).
سنوياً في مثل هذا اليوم أعيش لحظات معه، وخصوصاً منذ رحت إلى نيويوركه التي أمضى فيها عشرين عاماً، وجعلت أتتبع خطاه جغرافياً وآثاراً ومعالم، حتَّى عدت من هناك بحصيلة عنه ما كان يمكن أن تتكوّن لديّ، لولا سيري على خطاه: في نيويورك، وبوسطن، حتَّى جورجيا حيث منزل ماري هاسكل ولوحات جبران إليها، وحتَّى نورث كارولاينا حيث كان لي في جامعتها أن أفتح رسائل جبران إلى ماري ورسائلها إليه، رسالة رسالة، وأتلّمسها بأصابعي كمن أيقونات مقدّسة.
هذه المرّة، أردت في ذكراه أن ألج هذا العالم الغريب العجيب الذي إسمه الـ”إنترنت”، وأمضي ذكرى جبران معه “إنترنتياً”.
جهزت وقتي لأمضي مع جبران ساعات، فإذا بي لا أمضي أكثر من… دقائق.
ولو… إلى هذا الحدّ؟ نعم. فكل ما وجدته عن جبران: صفحات متتالية من كتاباته، أقوال له، ثبت بمؤلفاته (بعضها مغلوط تاريخ الصدور)، بعض أقوال عنه مستهلكة، وصفحات مبعثرة غير أكاديمية، وغير موثقة تبرع بها هواة لا إلاّ كي يذكروا أسماءهم في أسفلها وعناوينهم.
الصفحة الاحترافية الوحيدة الموجودة وضعتها دار نشر أميركية (“وايت كلاود برس” في آشلاند- أوريغن) كي تروّج للطبعات التي أصدرتها هي عن جبران (ومعظمها منتخبات وترجمات جديدة وضعها جون وولبريدج عن العربية وليست ذات قيمة عالية)، وليس في الصفحة سوى أغلفة الطبعات وثمن النسخة، وطبعاً رقم التلفون والبريد الإلكتروني وصندوق البريد والعنوان الكامل لإرسال الشك قبل… تسلّم البضاعة.
في احتفال إزاحة الستار عن تمثال جبران في حديقة ماساشوستس أفنيو/ واشنطن (منذ سبع سنوات)، قلت لشيريل أمين (أمينة سرّ لجنة جبران هناك، وكان رئيسها بيل بارودي): “لماذا لا تتحرّكون عالمياً لجبران؟” فتحججت يومها بلجنة جبران الوطنية (في لبنان) لأنها تملك كل الحقوق.
والتحرّك لجبران عالمياً كان باهظ الكلفة والوقت، حتَّى ظهور هذا العفريت الجميل الذي إسمه الـ”إنترنت”، والذي كـ”خاتم شبيك لبيك عبدك بين إيديك” ينقلك إلى العالم كلّه في ثوان.
فماذا تنتظر لجنة جبران الوطنية حتَّى تتحرّك “إنترنتياً” وتوصل جبران إلى العالم- إلى العالم كلّه بلا استثناء- خلال تكليفها أحداً يكتب عن جبران فتكون خدمت لا جبران وحسب بل لبنان الذي لم يغب لحظة واحدة عن ريشة جبران ولا عن قلمه منذ أوّل “لكم لبنانكم ولي لبناني” حتَّى آخر لحظة من أحلام أورفليس؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*