(الأربعاء 3 آذار 2004)
بعدما انتهت الْحرب على أرضنا، بقينا فترةً نطالبُ الدولة أن تركِّز إشاراتِ مرورٍ كهربائيةً عند الْمفارق والتقاطعات، تَخفيفاً لِحوادث السير.
وما هي حتى ظهرت الإشاراتُ الضوئية عاملةً على أفضل حال، إلاّ بامتثال السائقين لَها.
فما تكاد تقف على الضوء الأحمر حتى تسمع الزمامير وراءَك وترى في الْمرآة العاكسة أيدي تلوِّح غاضبةً مستهجنةً وقوفَك.
وحين تكون واقفاً على الضوء الأحمر، ترى الآخرين يتجاوزونك ويَمرّون حدّك، بكل طيش ووقاحة وصلافة، معرّضين للحوادث من يَمرون من الْجهة الْمقابلة.
بِـمَ يُمكنُ وصفُ هؤلاء بأكثر من الوقاحة، والطيش، والرعونة، والدوس على القانون؟
مشكلتُنا ليست في القوانين، بل في تطبيقها.
في جميع بلدان العالم تَمر على الضوء الأخضر، مطمئِناً الى أنّ الطريقَ آمنةٌ لك، إلاّ عندنا، تَمرُّ على الضوء الأخضر وأنت متيقِّظٌ خوفاً من وقح يهجم عليك من الْجهة الْمقابلة أو الْمتقاطعة.
فهل هؤلاء الوقحون يَجتازون الضوء الأحمر في بلدان أُخرى؟
حتى في منتصف الليل، يقف الناس على الضوء الأحمر، ولو الطريق خالٍ من السيارات، لا خوفاً من الْحادث أو بوليس السير، بل لأنَّ هذا باتَ من نسيج التربية الْمدنية.
بلى: هؤلاء الوقحون عندنا، الطائشون، الرعناء، اللامسؤولون، يلزمهم مَحضرُ مُخالفةٍ باهظُ الْمبلغ، موجِعُ الدفع، قاسي العقوبة، حتى يرعووا عن وقاحتهم وطيشهم ورعونتهم، فلعلّ هذه أفضلُ طريقةٍ لإعادة تأهيلِهم، وتربيتِهم، وتنظيفِهم من الرعونة والطيش واللامسؤولية وَ… والوقاحة.