13 كانون الثاني 2009 العدد 12796 السنة 37
كنتُ أظُنُّني، بعد ثلاثيةٍ (“قبس من لبنان” 82 و83 و85) أوردتُ فيها سيوفاً من القول حادةً على كثير ذكاء، انتهيتُ من المقالات التي أطرّزُ مضمونَها بأقوالٍ لافتة. غير أن ردوداً قطفتُها من تلك المقالات عادت فاستوقفتْني (ألَيس الكاتبُ مرآة قرائه؟) أمام أقوالٍ طريفةٍ ذات مفارقات غريبة صدرَت مع حصيلة العام المنصرم (2008) على أنها أطرف عبارات العام.
بين أشهرها مثلاً: حين كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (صباح 8 آذار/مارس، في يوم المرأة العالَمي) يُهنّئ باليوم المستشارة الألمانية أنجيلا ماركِل فبادرتْه: “وماذا فعلتَ في هذا اليوم؟ هل هيَّأْتَ لزوجتك الفطور قبل أن تَخرج الى موعدنا”؟
ومنها حين سأل صحافيٌّ رئيس زمبابواي (في 22 آذار/مارس) عن رأيه في وصول المعارضة الى الحكْم، فأجاب بـمُكابرة: “أبداً، هذا لن يَحصل ما دمتُ حياً”. لكن الذي حصل أنّ هذا “حصل”، وأطاحته المعارضة بعد تسعة أيام.
ومنها حين صحافيةٌ في اليمن سألَتْ الفتاة نُجود محمد علي (في 15 نيسان/أبريل) عن رأيها في صدور قرار المحكمة بطلاقها من زوجها بعد “تَمام” زواجها، فأجابت: “أنا سعيدة جداً، لأنني غداً سأعود للذهاب الى المدرسة”. وللملاحظة فقط: عمر نُجود… 8 سنوات!
ومنها حين صدرت “الوعود” الاقتصادية لدول الجنوب كي تنضم الى مجموعة “الاتحاد من أجل المتوسط”، فكان ردُّ الزعيم الليبي معمّر القذافي (في 10 حزيران/يونيو): “نَحن لسنا كلاباً ولسنا في مَجاعة، كي يرموا لنا العِظام”.
ومنها حين كان الكاهن الإيطالي أنطونيو رونغي ينظّم أول مباراة لـ”ملكة جمال الراهبات في إيطاليا” وسأله صحافي عن هذه الفكرة “الغريبة” فأجاب (في 25 آب/أغسطس): “وأين الغرابة؟ هل جميع الراهبات عجائز ومنكمشات وحزانى؟ الراهبات، قبل أن يكنَّ راهبات، هُنَّ نساء، والجمال عطية من الله”. غير أن “عطية” فكرته كانت أن… أَقلع عن فكرة المباراة.
ومنها حين أعلن المصرف الأميركي الشهير “ليهمان إخوان” إفلاسه في 15 أيلول/سبتمبر، وكان ذاك أكبر إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة، كتب أحد المحلِّلين في لندن: “غريب… لم نكن نُلاحظ شيئاً يَحصل في 15 أيلول”.
ومنها حين صدرت نتائج جائزة نوبل للكيمياء للعام 2008 (في 8 تشرين الأول/أكتوبر) واستيقظ العالِم مارتن شالفي من نومه صباح النهار التالي وهو يقول: “سأرى من هو هذا الغبيُّ الأبله الذي نال الجائزة هذا العام”، وحين أدار جهاز الكومبيوتر في غرفة مكتبه، اكتشف أن ذاك الغبيَّ الأبله هو… مارتن شالفي نفسه.
ومنها حين صدرت النتائج النهائية (في 4 تشرين الثاني/نوفمبر) بفوز أول أميركي من أصل أفريقي في رئاسة الولايات المتحدة، قول الرئيس المنتخب باراك أوباما في خطابه: “استغرق التغيير وقتاً طويلاً. لكننا، بفضل ما حقَّقناه في هذا اليوم التاريخي مع هذه الانتخابات، حصل التغيير أخيراً في أميركا”.
ومنها حين فاز باراك أوباما بالرئاسة الأميركية، فقال رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني بعد يومين (في 6 تشرين الثاني/نوفمبر): “إنه شاب، وجميل، وملوَّحٌ بالسُمرة”.
طرافة هذه الأقوال والمفارقات التي فيها، أنها إشاراتٌ الى أن غمزة عجلى أو خاطرة لافتة، تلوّن وقتاً رمادياً أو سحابةً من كآبة وضجر.
وما أحوجَ الكثيرين الى… تلك الإشارات!