(الاثنين 23/02/2004)
في ندوة اللغة الأُم الذي انعقد السبت، أمس الأول، في قصر الأونسكو، تلبيةً لـ”يوم اللغة الأُم” الذي أعلنته منظمة الأونسكو يوماً عالمياً في الحادي والعشرين من شُباط كلَّ عام، شارك خبراء لبنانيون ذوو اختصاص لغوي وأَساتذةُ لغةٍ ومؤلفون، ناقشوا الإشكالات في تَعَلُّمِ اللغة العربية وتعليمِها، وأجمعوا على أن خَطراً يُحيقُ بها ويشوِّهها في الاستعمال والتداول، يعود الى مصدرين: لغةِ الإعلانات ولغةِ الإعلاميين. وكان معهم حق.
فكيف نبرّر لقارئ اللوحات الإعلانية على الطرقات كتابة “ألبي” بالهمزة لا بالقاف، وكتابة “إلّو” بالهمزة لا بالقاف، و”عجئة” سير بالهمزة لا بالقاف، و”فيو” بالواو بدل “فيه” بالهاء؟
وكيف نبرر لمشاهد التلافيز المتعددة عندنا ظهورَ مذيعةٍ فصحى الشكل واللباس، تطل فتقول “هاي” أو “بونسوار”؟
وكيف نبرر لمستمع الإذاعة أو مشاهد التلفزيون أن تقول المراسلة: “وقد إجا عَ الاجتماع عدد من المختصين” أو قولَها “والجدير ذكرو إنو هذا الموضوع مش مطروح حالياً على بساط البحث”؟
وكيف نبرر للمستمع والمشاهد تحوُّلَ الثاء الى سين في السمين بدل الثمين، والقاف الى آف في القاعدة بدل القاعدة، والظاء الى زاي في المزهر بدل المظهر، والذال الى زاي في الإزن بدل الإذن، والثاء الى سين في المسنّى بدل المثنى، الى آخر الاستخدامات الأمّية الجاهلة للحروف ومخارج الحروف، والتشكيل المكسَّر، من دون ضابط ولا وازع ولا رادع؟
إن لغة الإعلام عندنا في انهيار فاجع أدّى الى لهجات هجينة وفوضى مُهينة. والأخطرُ: أنْ ليس في محطات الإذاعة والتلفزة عندنا من يراقب ويلاحظ ويصحح.
وإن لم يؤخذ الجيل الجديد من المذيعين والمذيعات، والمراسلين والمراسلات، والمندوبين والمندوبات، للخضوع الى دورات تأهيلية وتدريبية على اللغة والتشكيل ومخارج الحروف، فإننا صائرون الى مصير السلحفاة التي تصرّ بأنها
تسابق الأرنب، وبأنها… لا تزال في الطليعة.