(الجمعة 20/02/2004)
شكراً لوزارة الداخلية على تشدُّدها، أخيراً، بشأْن الْمعاينة الْميكانيكية قبل دفع رسم الْميكانيك.
ذلك أنّها جَنَّبَتْنا حوادثَ سيرٍ حتميةً، بعدما بعض السيارات على الطرقات بلغت وضعاً مُزْرياً حتى الْخطر، إذ أمست معدومةَ الصيانة، مقرفة الشكل، وخصوصاً السيارات العمومية منها، أبوابُها مربوطة بأسلاك نُحاسية، نوافذها مشدودةٌ بِخيطان، فَرْشُها مُمَزَّقُ البطانة مُمَزِّقُ الثياب، لا مصابيح فيها، لا أضواء حمراء علامة التوقف، رفاريفها فالتة، دواليبُها فارطة، وإذا بالسيارة لا تصلح حتى أن تكون خُماً للدجاج.
غير أن الْمواطن الذي له على الدولة واجبات، ويدفع رسم الْمعاينة الْميكانيكية ثم رسم الْميكانيك، له على الدولة حقوقٌ، وللدولة تِجاهه واجبات، أوّلُها، هنا، تأْمين طرقاتٍ سالكة وآمنة. وهذا التعبير الكان سائداً خلال الْحرب، لا يزال صالِحاً حتى اليوم وإن بِمدلول آخر.
فالطرقات التي لم تَعُدْ فيها حُفَرٌ بل ازدهرت حُفَرُها لتصبح آباراً ومَجاري وعبّارات، هي طرقات غير آمنة وغير سالكة.
والطرقات التي يَحفرها حضرة الْمتعهّد، ويغادرها تاركاً فيها قنواتٍ مفتوحةً وأقنية مكشوفةً وأجزاءَ طويلةً مليئةً بالْحجارة والْحصى والتراب والرمل وما تتحوّل إليه في أيام الْمطر (كما في هذه الأيام) هي طرقاتٌ غيرُ آمنةٍ وغيرُ سالكة.
والطرقات التي فيها بواليع مفتوحة، ومراكز كشف متروكة بلا أغطية، ونوافير عنيفة من قلب الأرض الى وجوه الْمواطنين، هي طرقات غير آمنة وغير سالكة، بل هي أفخاخ للمواطنين.
والدولة التي تطالب الْمواطنين بدفع مستحقاتهم، أقل واجباتها لا أن تنْزع الألغام من أراضيهم وحسب، بل ألاّ تتركَ لَهُم طرقاتِ الوطن مزروعةً بأفخاخٍ تَجعل سياراتِهم، ولو جديدةً، غيرَ صالِحةٍ للمعاينة الْميكانيكية.