ما إِن غادَرَت مارين لُوﭘِـن عاصمتنا بعد زياراتها مسؤُولين لبنانيين، وشُرْبها العرق اللبناني على شرفة مطعم لبناني بحري، حتى صدرَت في فرنسا صحافتها الموالية تصيح بالصوت العالي إِنها قوبلَت بالصَدّ في بيروت، حتى أَن مجلة “نورﭘــرِس” (NordPresse) الإِلكترونية صدرَت قبل يومين بخط عريض: “رَجْمُ ماري لُوﭘِـن بالحجارة في لبنان لأَنها رفضَت أَن تعتَمِرَ المنديل”. وفي تفصيل الخبر أَنها “أُدخِلَت إِلى مستشفى في بيروت بعد إِصابتها بالحجارة إِبّان إِحدى جولاتها”. ومع الخبر صورتُها في سرير مستشفى بين أَجهزة طبية.
أَوَّلًا: الخبر كاذِب، فلم يتقدَّم أَحد منها في بيروت ولا حتى بكلمة نافرة.
ثانيًا: الصورةُ كَذَّابة لأَن هذه المجلة ذاتها نشرَت هذه الصورة ذاتَها عن هذه الـ” لُوﭘِـن” ذاتها بتاريخ 16 أَيلول 2016 ذاكرةً أَنها أُصيبت بانهيار عصبي تعالَج منه في شقّتها الباريسية.
ثالثًا: هي التي، بعد لقائها رئيسَ الجمهورية، طلبَت مقابلة مفتي الجمهورية ونُبِّهت مسْبقًا أَن تضَع منديلًا يغطّي رأْسها عند مقابلة المفتي عبداللطيف دريان.
رابعًا: تحجَّجَت بأَنها قابلَت شيخ الأَزهر بدون منديل، فقيل لها إِن ﭘــروتوكول دار الفتوى في بيروت غيرُهُ في القاهرة، وتاليًا لا بُد من أَن تعتَمِرَ المنديل.
خامسًا: بدا واضحًا من تَصرُّفها أَنها ليست قضية منديل بل نيَّتُها افتعالَ قضيةٍ حساسةكي تُظهر المسلمين في لبنان متعصّبين تمييزيـين أُصوليين.
سادسًا: لا بيروت أَساءَت التصرُّف معها ولا لبنان فرضَ عليها التحَجُّب. إِنه مبدأُ دار الفتوى وعليها احترامه، هي الآتية من وطن الثورة الفرنسية بشعار الثالوث العلماني: “حرية، عدالة، مساواة”. فكيف تَقبَلُ الآخر وترفُض احترامه وتفْرض عليه شروطها، وهي التي طلبَت مقابلة المفتي، فتَحَدَّت قيَمًا إِسلامية كريمة وافتعلَت قضيةً مغلوطة لتوظِّفها في فرنسا باسم العلْمانية لحملتها الانتخابية ضد المسلمين، مع أَن والدها جان ماري لُوﭘِـن كان في 10 أَيار 2015 صرّح لجريدة “إِسلام إِنْفُو” في المغرب: “أَشهدُ أَنْ لا إِله إِلَّا الله وأَن محمدًا رسولُ الله”.
وبعد…
هذا الردُّ من “أَزرار” ليس انتصارًا لجهة دينية ولا لتقليد محترم. كلاهما أَعلى من الردّ. لكنه انتصار لحقيقةٍ عن لبنان شوَّهَتها الصحافة الأَجنبية بادّعاءات كاذبة وصورة كاذبة وتغطية صحافية كذَّابة. فلبنان ليس وطن المسيحيين وبينهم مسلمون، ولا وطن المسلمين ويستضيف مسيحيين، بل هو وطن الإِنجيل والقرآن معًا، وطن المسجد والكنيسة معًا، وطن “الله أَكبر” و”كيرياليسون” معًا.
وإِذا كان اسم السيدة Marine LePen يعني في لغتنا “بَـحْريَّة القلم” فإِن لبنان بحرٌ من الحرية الحمراء بِدَم شهدائنا، وبيروتنا الغالية عاصمةُ القلم الحر وستبقى أَقلامها حُرة كي يليقَ بها شعبُها وشهداؤُها على مدى التاريخ.
هـنـري زغـيـب