بين تظاهرتَين كُبريَيْن في بيروت هذه الأَيام: الدورةِ الثالثة والعشرين من معرض الكـتاب الفرنكوفوني “نقرأُ معًا” (ختامُهُ اليوم الأَحد)، والدورةِ الستين من “معرض بيروت العربي الدولي للكـتاب” بعد أُسبوعين، قرأْتُ في صحيفة “الغارديان” البريطانية خبرًا من دولة الإِمارات العربية المتحدة ذا صلة بالكـتاب، أَبرز ما فيه صدورُ “قانون القراءة”، لتحفيز المواطنين على اتّخاذ القراءةِ عادةً يوميةً، ما جعَلَ الكـاتبَ البرازيلي العالـمي بابلو كويلُّو يكتب إِلى حاكم دُبي رسالةَ تقديرٍ وإِعجابٍ لدعمِهِ “صورةَ الكـتابِ الحضاريةَ في المجتمع”.
بين بنود هذا القانون: توفيرُ الكـتُب في مراكز التَسوُّق باللغتَين العربية والإِنكليزية، وتحفيزُ هذه المراكز بتقديم مساحاتٍ لإنشاء فروع مكتبات عامة فيها، إِعفاءُ الكتُب من الرُسوم والضرائب، توزيعُ الكتُب على طلبة المدارس، منحُ حقائبَ معرفيةٍ تحوي باقات كُتُب لجميع المواليد الجدُد في الإِمارات فور ولادتهم، توزيع الكُتُب على جميع الأَطفال المقيمين والمواطنين، ضرورةُ الحفاظ على الكتُب وعدمُ تلْفِها بل صيانتُها وإِعادةُ استخدامها أَو التبرُّعُ بها للمكتبات الخاصة أَو العامة، تقديمُ حوافزَ إِلى القطاع الخاص لتشجيعه على الاستثمار في إِنشاء المكتبات، إِفساحُ الجهات الحكومية لموظفيها وقتَ قراءةٍ ضمن ساعات الدوام الرسمي، توفيرُ مكتبات عامة ومرافقَ للقراءة في جميع مناطق الدولة، جعلُ المقاهي تقدِّم موادَّ قراءةٍ لزبائنها، إِلى جانب خدماتها التجارية.
وفي الخبر ذاته أَيضًا أَن “مؤَسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية”، من ضمن رسالتها “نشرَ المعرفة أَداةَ تحسينٍ لحياة البشر”، قرَّرَت تخصيص دعمٍ بقيمة خمسة وعشرين مليون درهم إِماراتـيّ لِدُور النشْر المحلية، بشراء مجموعاتِ كُتُب من إِصدارات هذه الدور، سعيًا إِلى شراكة بين المؤَسسة ودور النشر لإِطلاق سلسلة برامجَ ومشاريعِ قراءة، ولتشجيع قطاع النشر المحلي وتطوير صناعة نشر حقيقية منافسة في دولة الإِمارات لتصبح مركزًا معرفيًّا وثقافيًّا في المنطقة.
بلى: بين تظاهرتَين كُبريَيْن للكـتاب في بيروت هذه الأَيَّام، يُسعِدُ أَن نقرأَ عن مبادراتٍ تشجِّع اقتناءَ الكـتاب، ونَشْـرَ الكـتاب، وتوزيعَه على الـمتلقّي في وسائلَ شتى ووسائطَ مختلفةٍ بين الكـتاب الورقيّ والكـتاب الرقميّ والكـتاب المصوَّر والكـتاب المخطوط والكـتاب المطبوع. المهمّ أَن يبقى الكـتاب حاجةً في حياتنا يوميةً، فلا ينقضي نهارٌ بدون رجعى إِلى كـتاب، ولا نَؤُوب إِلى النوم بدون كـتابٍ ينتظرنا حَـدّ المخدّة.
وبين الكـتابِ تأْليفًا، والكـتابِ قراءةً، والكـتابِ صناعةً معرفيةً، يَعْذُبُ العمر بـحياةٍ تَمضي إِلى رحلة الأَيام هانئةً سعيدةً بين دَفَّــتَــي كـتاب.
هـنـري زغـيـب