___________________________
مركز التراث اللبناني: “مي زيادة في ذاكرة وطنها”
ندوة آذار في “مركز التراث اللبناني” من الجامعة اللبنانية الأميركية كانت “مي زيادة في ذاكرة وطنها”، بحضور وزير الثقافة ريمون عريجي وحشد كثيف من محبي مي وقادري أدبها الطليعي في زمانه.
افتتح الندوة مدير المركز الشاعر هنري زغيب بكلمة ركز فيها على “جرأة مي في كتاباتها وكُتُبها وخُطَبها مع مطلع القرن العشرين حين كان صوت المرأة خفيضاً والمطالبة بحقوقها ضرباً من الخيال”.
المداخلة الأُولى من نائب رئيس جامعة سيدة اللويزة لشؤون الثاقفة والإعلام سهيل مطر حول “مسيرة مي… من الألم إلى التمرد”، جال فيها على ما تخلّل سيرة مي من مآسٍ وأحداث مريرة جعلتْها تبقى على حزنها الطويل: “أعترف أمامكم أنني أحبّ مي زيادة وأنني منحاز الى الأنثى فيها، لأنّها جميلة جسداً وأخلاقاً وثقافةً، ولأنّها أيقونة أهل الفكر والأدب. يقول أنطون سعادة: “لم تنجب سوريا في القرون الأخيرة أديبة كبيرة كــميّ زيادة”. ويقول أحمد حسن الزيّات: “هي الأديبة الكاملة في تاريخ الأدب العربي كلّه”. إنّ مي الجميلة، الصبيّة الحلوة الملامح كما تقول عنها روز غريّب، هي امرأة استثنائية بكل أبعاد الجمال، جاءت الى هذا الوجود كي تحيا، لا كي تعيش”.
وفي التساؤل عن وضعها الذهني قال مطر: ” مشكلة ميّ هي مشكلتها مع الزمن: ظالم هو الزمن، ليت يدَ من اخترع الساعة تتكسّر، وما أشنع الروزنامة وترقيم السنوات. قيل: حطّموا الساعات… ماذا ستخسرون؟ صدّقوني وصدّقوا فيروز والرحابنة: ” تعوا ت نتخبّا من درب الأعمار”. مي ما استطاعت أن تتخبّا. لا مشكلة لديها مالية ولا عاطفية ولا انسانية؛ انّه العمر. وهي الشفّافة الحسّاسة البلّورية. فجأة انكسر زجاج الرحلة. وكانت المأساة. هل كل من يبلغ هذا العمر (الأربعين، الخمسين) يصاب بهذه المأساة؟ لا، ولكن من يتميّز برقّة ميّ، ببراءتها، بطيب سلوكياتها يمكنه أن يسقط. فهي رفضت وحاولت أن تتمرّد. من هو البطل القادر على مقاومة الزمن؟ قيل إنها مجنونة. لكن هذا قدر بعض الشعراء والمبدعين”.
وختم: “ميّ قبل الانكسار عاشت جماليات الفرح والبهاء والمجد والحبّ، أمّا بعد الانكسار فأخلفت العيون مواعيدها، وضاعت قُبَلٌ قبل أن تحطّ على شفتين. قبل الانكسار كانت الفتاة المدلّلة المغناج، الصبيّة الرومنطيقية المسافرة في بحار الحبّ. بعد الانكسار أصبحت دموعها أوسعَ من عينيها”.
بعده كانت مداخلة غاريوس زيادة عن “مي… بنت ضيعتنا شحتول” ذاكراً “طفولتها بين جدران وأدراج منزلها الوالدي في شحتول، المنزل المشبع بوقع خطاها وترنّحات احلامها وتطلّعاتها منذ طفولتها. والبيانو الذي أرهقته أنامل تلك الثائرة في طفولتها وهي تدوّي أوتاره بأنغام عابقة بالفرح والبهجة والسرور لبلسمة النفوس المكبّلة بالوجع والألم والقهر والتحديّات، يئنّ في غربته ووحدته ويتسربل بالعتمة والظلمة والنسيان. ومثله البيانو الآخر القابع بين جدران مدرسة سيّدة الزيارة الداخليّة في عينطورة – كسروان ، وهي لا تزال شاهدة حتى اليوم على تأوّهات ابنة الثالثة عشرة، انتزعها والدها من احضان الناصرة وزجّها بين جدران هذه المدرسة الداخليّة فصرخت: “ما أشدّ برد البيانو تحت أناملي، البرد في روحي، البرد في غربتي ووحدتي، إنني جليد يتعذّب”.
وتخللت المداخلتَين قراءاتٌ مع جهاد الأطرش وجهاد الأندري من نصوص لـمي زيادة في مناسبات مختلفة، بعضها خُطَب ألقتها في لبنان ومصر، وبعضها الآخر مقالات انطباعية ومشاركات أدبية.
وختاماً أعلن مدير المركز عن الموعد المقبل في 4 أيار المقبل مع ندوة حول: “كيف نقرأ اليوم سعيد عقل”.
_____________________________