ج) في لغة النثر

ج) في لغة النثر

 

لغة النثر؟

طبعاً. للنثر لُغَتُه، بل لُغاتُه، كما للشعر لُغَتُهُ بل لُغاتُه.

في مسرحية “البورجوازي النبيل” كتب موليير[1] هذا الحوار بين البورجوازي ومعلِّم الفلسفة:

البورجوازيّ      : سأُسِرُّ لكَ بأمر حميم: أنا عاشقٌ، سِراً، سيدةً ذات مكانة عالية. وأريدُك تساعدُني في كتابة

                             عبارةٍ إليها على هذه البطاقة التي سأتركها تسقط عند قدَميها.

معلّم الفلسفة    : حاضر.

البورجوازيّ      : ألا يكون ذلك نبيلاً؟

معلّم الفلسفة    : طبعاً. أتريدُها شعراً؟

البورجوازيّ      : لا، لا. لا أريد شعراً.

معلّم الفلسفة    : يعني… تريدها نثراً.

البورجوازيّ      : كلاّ… لا نثراً أريدُها ولا شِعراً.

معلّم الفلسفة    : مستحيل. يجب أن تكون نثراً أو شعراً.

البورجوازيّ      : لِماذا؟

معلّم الفلسفة    : لأن في اللغة شكلَي تعبيرٍ فقط: شعراً أو نثراً.

البورجوازيّ      : ليس إلاّ الشعر والنثر؟

معلّم الفلسفة    : صحيح. كل ما ليس نثراً هو شعر، وكل ما ليس شعراً هو نثر.

البورجوازيّ      : والذي نتخاطب به الآن؟

معلّم الفلسفة    : هذا نثر.

البورجوازيّ      : حين أقول لخادمتي: “هاتي لي خُفَّيَّ وطاقيّة الليل”، أكون أتكلّم النثر؟

معلّم الفلسفة    : نعم.

البورجوازيّ      : أُفّ!!! يعني أنني منذ أربعين سنةً أتكلَّم النثر ولا أدري! شكراً لأنك علَّمْتَنيها”.

يقود هذا الحوار إلى اعتبار الكثيرين أن النثر هو من تحصيل الحاصل: حين لا نقول شعراً (بما للشعر من أُصولٍ ونُظُم) نقول نثراً.



[1] ) مسرحي فرنسي (1622-1673) اشتهر بكوميدياته اللاذعة، له البخيل، النساء المتحذلقات، والبورجوازي النبيل التي فيها هذا المقطع من الفصل الثاني، المشهد الرابع.