الحلقة 1114: مطلوبٌ للعدالة !!
(الأَربعاء 28 آب 2013)
وَجهُه… كيف وَجهُه؟؟؟ هل هو وَجهٌ كباقي وُجوه البشر؟؟
هذا الذي يُـخطِّطُ أَو ينفِّذُ مَـجزرةً جَـماعيةً إِبادِيةً هولوكوستية، هل هو حقاً من صنْف البشَر له قلبٌ وعاطفةٌ وشعور؟
الذي يَرتكبُ جرائمَ ضدّ الإِنسانية، هل هو حقاً من صُلب الإِنسانيّة؟
الذي يَقتُل أَطفالاً نائمِين يَختنقون في أَسِرَّتهم، وأَولاداً أَبرياء يَحترقون في سيارة أَهلهم، وبائعينَ جوَّالين يَتفجَّرون أَشلاءَ وهُم يَبحثون عن لقمة عيشهم، وصبايا وشباباً يتطايرون شظايا مُدَمّاةً تُحوِّلُ ربيعَهم مأْتَماً ولا جثامين، ومواطنين مؤْمنين بالرحمن الرحيم يصَلُّون في المسجد طالبين الرحمةَ من ربّ العالمين فينهارُ عليهم المسجد دَماراً يَصرعُهم وهُم يَضرَعون، وناساً طيِّبين يَعودون إِلى بيوتهم فلا يَجدون من بيوتِهم سوى شققٍ محروقةٍ وأَشلاءَ مجهولةٍ كأَنّهم في يوم حَشْرٍ شيطاني انفلَتَتْ فيه أَبالسةُ الشّر من كُلّ نوعٍ متوحِّشٍ فاجر…
هذا الـمسبِّبُ كُلَّ هذا الهول، هل لا يزال في مَرتَبة الإِنسان؟
أَيُـمكنُ أَنْ تكونَ له عينان بَشَريَّتان وهو يرى جثثاً تُحشَرُ في الأَكياس وتُنقَل بالعشرات إِلى برّادات الموت؟
أَيُـمكنُ أَنْ تكونَ له يدان بَشَريَّتان وهو يُمسِكُ لقمةَ الخبز كي يأْكُلَ وأَمامه مَشاهدُ مَنْ جَعَلَهُم لُقمةً للنار والعذاب؟
أَيُـمكنُ أَنْ يكونَ له وَجْهٌ بَشَريٌّ وهو شوَّهَ آلافَ وُجوهٍ لم تَعُد في الشكل ولا في الجسم ولا في التكوين؟
أَيُـمكنُ أَنْ تكونَ له عائلةٌ بَشَريةٌ وهو شرَّد مئاتِ العائلات وشلَّع أَركانها يَتامى وثكالى وأَراملَ وحَزانى ومفجوعين؟
أَيُـمكنُ أَنْ يكونَ له عُمْر بَشَريٌّ وهو قصَف أَعمار الصغار والكبار والنساء والرجال والعائلات وأَودى بهم إِلى القبور؟
أَيُـمكنُ أَنْ يكونَ له بيتٌ بَشَريٌّ وهو جعَلَ الناسَ بلا بيوت، والأَحياءَ بلا شوارع، والشوارعَ بلا أَمان؟
أَيُـمكنُ أَنْ يكونَ له شَكلٌ بَشَريٌّ وهو شَطَّبَ أَشكال البشر فباتوا مبْتوري الأَعضاء فاقدي نعمةِ الجسَد السَّوِيّ؟
أَيُـمكنُ أَنْ يكونَ له ضميرٌ يُـميّز بين الشُّهداء والموتى، بين الجثث والقتلى؟
مطلوب للعدالة هو؟؟ صحيح. ولكنْ كيف تُلقي العدالةُ القبضَ على مَن هو بِلا شكْلٍ كأَشكال البشَر؟
ليس له حمضٌ نوويٌّ بَشَريٌّ وهو كائنٌ غيرُ بَشَريٍّ لا سُلالةَ له بين البشَر الأَسوياء.
حتماً ليس من البشَر هذا الوحشُ الـمُجرمُ أَبشعُ مخلوقات الله على هذا الكوكب!
حتماً ليس من البشَر هذا الذي يُبِيدُ بالمئات ويُشَوِّه بالمئات ويُعذِّب بالمئات ويُسَبِّب التَّشرُّد للمئات والأُلُوف.
ليس بَشَراً هذا الـ”روبو” القاتلُ لم ينجَحْ في تركيب مِثْلِه العِلْمُ مهما تَقدَّم العِلْم الرُّوبوتي. هو خارجَ التصنيف الذي سعى علماءُ الأَنتروبولوجيا أَن يُحدِّدُوهُ، منذ السويسريّ غوستاڤ لاڤاتير في القرن الثامن عشر، ليَرسُموا تَصميماً أَكاديمياً لهيئة مُـجرمين تُساعدُ العدالة في إِلقاء القبض عليهم، وخارجَ سعْي الإِيطالي سيزار لامبورزو في القرن التاسع عشر لتصنيف علْم الإِجرام ومورفولوجيا الـمُجْرمين.
لكنَّ هذا القاتلَ الوحش، رغم مؤَامراته الماكياﭬـيلّية وحِيَلِه للتنصُّل إِلى التبرئة، تبقى علاماتُهُ واضحةً، ومعالِـمُهُ مكشوفةً يعرفُها الجميع مهما غلَّفَها بأَحايـيلَ وأَحابـيل، وسوف يُقاد إِلى العدالة الصارمة، أَولُ الشُّهود عليه: الشهداءُ الذين سقطوا بِـجُرمِه الوَحشيّ فارتفَعُوا إِلى مرتبة الشّهادة التي، مهما تَأَخَّر فجْرُها، لن تَدَعَ مُـجرِماً خارجَ قَبْضةِ العدالة.