قُدسيّةُ احترام الإنسان
السبت 18 آب 2012
(دير القمر: ليلة 4-5 آب 2012)
-756-
منظِّمو الألعاب الأولِـمـﭙـية اختتموا الدورة في لندن بما عكس الالتفاف الدولي الواسع في مكان واحد جَمَعَتْ أركانَهُ الرُّوحُ الرياضيةُ التي تُـميِّز الإنسانية الموحّدة، فاختاروا من البريطاني جون لينُون (اغتيل سنة 1980 عن 40 عاماً) أغنيته “تصَوَّروا” (أطلقها سنة 1971) وهي نداء لاعتناق الإنسانية حلَّ السلام والتضامُن والوحدة.
الأُغنية نشيدٌ إلى عالم واحد وإنسانية واحدة، وفيها: “تَصَوَّرُوا الجنّةَ ليست موجودةً ولا الجحيم، وليس سوى سماء واحدةٍ فوقنا نعيش تحتها… تَصَوَّرُوا البلدانَ ليست موجودةً ولا الأديانَ ولا ما يكون من أجله قتْلٌ أو موت، وليس سوى سلامٍ بين الناس… قد تقولونني حالِـماً لكنني لستُ وحديَ الحالـِم. آمل أن توافوني يوماً بهذا الإيمان فيكون لنا عالـَمٌ واحد”.
هبَّت الجموعُ في لندن لكلمات هذه الأغنية التي تجسّد رسالة الروح الرياضية الواحدة الـموحِّدَةِ العالَـمَ من دون فروقاتٍ بين الرياضيين دينيةٍ أو مذهبيةٍ أو عنصريةٍ أو سياسية.
حين بَثّ التلفزيون التركي احتفال الختام الأولِمـﭙـي حذَفَ المذيعُ المترجِمُ عبارة “ولا الأديان”. مع أنّ لينُون لا يقصد الإلحاد ولا التخلّي عن الدين بل عن ممارساتٍ تؤدي إلى التنابُذ والتقاتُل باسم الدين، ففي المسيحية والإسلام دعوةٌ إلى الوحدة لا التفرقة، وجمْع الإنسانية على هدي تعاليم المسيح وتبشيره، وفي كلّ آيةٍ من كلّ سورة في القرآن الكريم.
هذه الدعوة إلى سلامٍ يَغمر الإنسانية الواحدة في عالَـمٍ واحد هو ما رمى إليه لينُون انتفضَ أواخر الستينات ضدّ الحكم الأميركي في حرب ﭬـيتنام وانتصر للمقهورين والضعفاء والضحايا، ودعا إلى نشْر السلام بين بني البشر. وهو نضالٌ تعهَّده بأغانيه ومواقفه منذ انفصل عن فرقة البيتلز وأسس مع زوجته اليابانية فرقة تؤدي أغنيات السلام ونبذ الحرب والتعصُّب.
وما تشهده الساحات العالَـميّة اليوم في أكثر من منطقة في العالم، يُشير إلى اقتتالات دامية عنيفة، بعضُ خلفيّاتها فُروقاتٌ وأصولياتٌ دينيةٌ تُعيق كلّ أمل في بلوغ السلام بين مواطني البلد الواحد أو البلدان المتجاورة أو المتحاربة.
في كل دِين حيّزٌ إلهيٌّ للسلام والإنسان، وفي كل مزاولة خاطئة باسم الدين حيّزٌ شيطانيٌّ ضدّ الإنسان والسلام.
وختام أولـمـﭙـياد لندن، الأحد الماضي، كان لوحدة البشر أياً يكن دينُهم وعنصرُهم وجنسُهم، ولذا اعتمد منظِّمو احتفالِ الختام أغنيةً لا تريد إلغاءَ البلدان بل الاقتتالَ على حدودها، ولا ترفضُ الدينَ ورسالته، بل تدعو إلى اعتناق جوهره، وفي جوهره قدسيَّةُ احترام الإنسان في كل آنٍ ومكان.