754: خـَـجــَــل

خَــجَــل
السبت 4 آب 2012
-754-

عن الـ”غارديان” البريطانية خبرٌ من مركز “وِسْتْفيلْد” التجاريّ في سْتْراتْفُورد، إحدى ضواحي العاصمة لندن، قريباً من الـﭙـارك الأولِمـﭙـي الكبير الذي تَـحوَّلَ من منطقة صناعية إلى واحة خضراء تضم ثمانية أماكن كبرى لأنشطة واحتفالات طوال الدورة الثلاثين للألعاب الأولـمـﭙـية التي استقطبت وتستقطب العالَـم إلى لندن هذه الأَيام حتى الثاني عشر من هذا الشهر.
الخبر أن هذا “المركز” قبل أيامٍ أعلن اعتذاره من أبناء الجوالي العربية والسيّاح العرب في لندن، لورود خطإٍ في اليافطات الكبرى وعلى قمصان موظفي “المركز” الذي طَبَعَ عبارة “أهلاً بكم إلى لندن” في جميع اللغات ووزّعها ترحيباً بالسيّاح والزوّار وروّاد الألعاب الأولـمـﭙـية، وورد في العبارة العربية خطأٌ جعل العبارة مطبوعةً بالمقلوب: مكتوبةً بأحرف منفصلة من اليسار إلى اليمين كالكتابة اللاتينية عوَض أن تكون أَحرفاً متصلة من اليمين إلى اليسار كما هي الكتابة العربية. وهو وهو ما وزّعتْه كذلك شركة الإعلانات نفسها على 78 محطة قطار في العاصمة البريطانية وضواحيها.
نشر “المركز” هذا الاعتذار العلني في جميع أروقته وفي باحات محالّه على الشارع العام. وبعد مراجعة سريعة من “مجلس العلاقات العربية البريطانية” استَبْدل “المركز” جميع اليافطات وقمصان الموظفين بالكتابة العربية الصحيحة. وصرّح للصحافة كريس دُوْيْل، أحد مدراء “المركز” أنه “خَجِلٌ من زوّار الألعاب الأولـمـﭙـية وروّاد المركز التجاري على هذا الخطإ غير المقصود، الناجم عن انعدام الحرف العربي في طابعة الكومـﭙـيوتر الذي كتَب العبارة فجاءت طباعتُها بالمقلوب”.
مديرة المركز الوطني البريطاني للّغات، تريزا تِـنْسْلي، قالت في حديثها إلى إذاعة “بي بي سي” إن “المؤسف في الأمر حصولُ هذا الخطأ في ضاحية نيوهام بالذات، أكثر مدن بريطانيا تعدُّديَّةً لُغَوية”، ما يشير إلى “فداحة” هذا الحدث في سلوك العقلية البريطانية.
هكذا تحترم سيّاحَها الدُّوَلُ الراقية، فلا تؤمِّن لهم الأمن والأمان وحسْب، بل تريهم، قبل الأمن والأَمان، كم انّ كلّ فرد منهم هامٌّ لديها: حضوراً ولُغةً ورفاه زيارة. والاحترام يبدأُ بتوفير ما لا يزعج حتى عيونهم القارئة.
الدُّوَلُ الراقية لا تدعو سيَّاحها وتقلِّل من احترامهم. تدعوهم وتعتذر إليهم إذا أَخطأَت.
الدول الراقية تخجل وتستحي حين تَصدُر عنها أيةُ هفوة.
خطأٌ مطبعي بسيطٌ غيرُ مقصود استوجَبَ اعتذاراً بلا أقلَّ من الخجل.
وعندنا أَخطاء سياسية وأمنية وإدارية ووطنية فادحة قاتلة معظمُها مقصود، ولا من يخجل ولا من يعتذر. ويجد المسؤولون عنها وقاحةَ أن يَظهروا على الشاشات ويُدلوا بــ”تنظيراتهم”.
وهنا الفرق بين طُهْر السلوك وعُهْر المزرعة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*