738: كلّ زَيْفٍ سينكشف ولو بعد 20 سنة!

كلُّ زَيْفٍ سينكَشِف ولو بعد 20 سنة!
السبت 7 نيسان 2012
-738-

رئيس هنغاريا ﭘـات شْـمِيتْ، بطل المبارزة الأولـِمـﭙـي الذي حمَل لبلاده أكثر من مدالية دولية ونال الدكتوراه على أطروحته في الرياضة سنة 1992، جرّدَتْه جامعة سيميلْوَايْس من لقَبه الأكاديمي بعد مقال عنه في مجلة “الاقتصاد الأسبوعي العالـمي” فَضَحَ أنّ 90% في أطروحته الجامعية “مسروق” من مرجعَين: كتاب لباحث بلغاري وأطروحة جامعية لطالب ألـماني لم يذكرهما في المراجع. وبنتيجة تحقيق شكّلت له الجامعة لجنة مختصّة ثَبُتَ أن 185 صفحة منقولة مع بعض التصرُّف، و17 صفحة منحولة حرفياً من مصادرها، في الأطروحة التي من 215 صفحة ونال عليها “الطالب شميت” لقب “دكتور مع تهنئة لجنة المناقشة”. واللافت أن اثنين من لجنة التحقيق عضوان في الأكاديميا الهنغارية الأولـمـﭙــية التي يرئِسها شْميْتْ نفسُه.
لم تكن شهادة الدكتوراه جوازَ مروره إلى السلطة: سفيراً فنائباً فرئيسَ مجلس النواب فرئيسَ جمهورية هنغاريا منذ 2010. لكنها كانت السبب الرئيس لاستقالته. وانكشاف تزوير أُطروحة الدكتوراه، في مقاطع منها منقولة ومنحولة، زعزع هيبة احترامٍ لدولة لا ترحم حتى رؤساءَها حين الحقيقةُ أقوى من الرئيس، والصدقُ أهـمُّ من الحاكم، والاستقامةُ هوية كل سياسيّ.
عند إعلان اللجنة نتيجةَ تحقيقها حاول الرئيس العنادَ والبقاء في السلطة، لكنَّ الفضيحة انتشرَت وشكّلت لطخةً لصورة هنغاريا في العالـم وتهديداً لوحدة الأكثرية في الحكْم، فلم يعُد رئيس الجمهورية قادراً على الاستمرار، وأعلن استقالته مصرِّحاً: “في دستور هنغاريا الذي أقسمْتُ يميني الدستورية عليه، أنّ رئيس الجمهورية رمزُ وحْدة البلاد. ولَما كان انكشافُ أمر أطروحتي الجامعية يشكّل انقساماً في بلادي الحبيبة عوض وحدتها، يحتِّم واجبي أن أقدِّم استقالتي من رئاسة الجمهورية”.
كان ذلك نهار الاثنين من هذا الأُسبوع، وقَبِلَ مجلس النواب الاستقالة في اليوم نفسه، وعَيَّن رئيسَه رئيساً موقَّتاً حتى يتمَّ انتخاب خلَفٍ لرئيس الجمهورية.
هكذا إذاً: بلادٌ حضاريةٌ اضطُرّ رئيس جمهوريتها الى الاستقالة لأنه “زَعْبَرَ”، لأنه “زَوَّرَ”، لأنه “غَشَّ”، لأنه “سَرَقَ”، لأنه “نَـَحَل”، لأنه لم يكن صادقاً، لأنه لم يكن شفّافاً.
وبِـمَ غَشَّ؟ لا بأمرٍ سياسيّ جلَل، ولا بـ”صفقة”، ولا بـــ”عمولة”، ولا بـــ”معاهدة سرية”، بل بــ… أُطروحة دكتوراه.
ومتى؟ لا إبان ولايته الرئاسية ولا النيابية ولا الدﭘـلوماسية، بل… قبل 20 سنة.
إنه جزاءُ مَن ينسُبُ إليه عمَلاً قام به سواه، أو اكتسب نَجاحاً لا يستحقُّه فلم يستحقَّ بعده شرَف الرئاسة.
كلُّ زَيْفٍ سينكشف، ولو بعد… 20 سنة!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*