خُلود اسـمه من اسـمها
السبت 4 حزيران 2011
– 696 –
غائصٌ هذه الأيام في قراءة آراغون: “عَينَا إِلْسَا” (1942)، “نشيدٌ إلى إِلْسَا” (1942)، “إِلْسَا” (1959)، “مَجنون إِلْسَا” (1963)، و”لا پاريس عندي من دون إِلْسَا” (1964).
لن أعالِجَ الآن إسهامَه في الدادائية والسوريالية (مع بروتون وإليوار وسوپو) واعتناقَه موجة العبثية والتمرُّدِ على الأُصول وكسْرِ كلّ موروث، ثم عودتَه التائبة إلى الكلاسيكية وتشدُّدَه بأُصولها وقواعدِها النظمية عروضاً وقوافي.
هذا موضوع أعود إليه لاحقاً.
يهمُّني الآن من آراغون انصرافُه، شعراً وحياةً عاشقةً، إلى تلك الـ”إِلْسا تْريُوليه” التي طبعَتْ حياته وترادَفَ مع اسمها اسمُهُ واشتهر بِها وبِحبِّه إياها، حتى إذا غابت إِلْسَا (1970) أَعلَن: “أن أبقى حياً بعدها كأنني أخونُها”.
على غلاف كتابه “عَينَا إلْسَا” عبارة: “آراغون، آخرُ شعراء الحب، كتب أجمل قصائده لِمجد المرأة التي يُحِب. وجاهر باسمها. وكما پترارك غَنّى لور، ورونسار غَنّى هيلين، ولامرتين غَنّى إلڤير، هكذا آراغون غَنّى إِلْسَا في قصائد هي أجمل ما يغنّي شاعرٌ حبيبته”.
وفي مقدمة الكتاب كتب آراغون: “ساحة النجمة عندي ليست في قلب پاريس بل في قلبي. ومن شاء أن يعرف اسم نجمتي فلْيقرأْ شعري. قد لا يرى البعض لائقاً أن يعلن الشاعر حبّه صريحاً في شعره. وأنا أرى أنْ ليس للشاعر أفضل وأنقى وأضمن لِخُلوده من إعلان حبِّه صريحاً، بل من الضعف والجُبْن خشيتُه أن يرفع حبَّه كاملاً في شعره. أريدُ أن يَجيءَ يومٌ ينظر فيه الناس إلى لَيلِي فيرون في عتمته شعلةً تلتمع: إنها شعلة حبي الكبير الذي يرفعني إلى خلود شعري. فيا حبيبتي: أنتِ أُسرتي الوحيدة، وأنا أنظر إلى الكون بعينيكِ فأَشعرُ بالكون من خلالك وتعطينني معنى المشاعر الإنسانية. وكلّ من يُنكر عليَّ حبي ويَلومُني، أرفع في وجهه هذا الكتاب الذي يحمل اسمكِ في عنوانه عنواناً لي ولِحُبي الذي لن ينطفئ ولو أنا انطفأتُ”.
الحُبُّ الحقيقيّ أن يبوحَ الشاعر به في جرأة الإفصاح لا وراء قناع الغَزَل.
فالغزل يؤتاه ساعة يشاء، وقد تتكرّر هذه الساعةُ ساعات.
بينما الحبّ الحقيقيّ مع امرأةٍ استثنائية لا يؤتاه إلاّ مَرّةً واحدة، مَرّةً وحيدة، مَرّةً أُولى تظلّ أُولى طَوال عمره مع حبيبته التي يا هنيئاً له إن استطاع أن يُجاهر باسمها (لا بكنْيةٍ مستعارة)، إذاً يكونُ له أن يَخْلُدَ باسمِها وتَخْلُدَ باسمِه، ويكون حبُّهما في شِعره قنديلَ فرحٍ بعدَه في ليالي العاشقين.