49: سجعان القزي: الوجدان

الكلمة الأَحَبّ
ما الكلمة؟ مُجرَّد حروف؟ مضمونٌ ذو مدلول؟ شكلٌ ذو جمال؟ رمزيةٌ ذاتُ دلالة؟
للكلمة موقعٌ في الذات هو غيرُهُ في السوى. ترتبط بقارئها أو قائلها ارتباطاً ذا علاقة خاصة بأسباب ذاتية تختلف بين شخص وآخر.
كلمةٌ معيّنة بالذات: ماذا تعني لك؟ بِمَ توحي إليك؟ لماذا استخدامك إياها أكثر من سواها؟ لماذا تتكرّر في كتاباتك؟
هذه السلسلة: “الكلمة الأَحَبّ”، أسئلةٌ نطرحها على المعنيّين بالكلمة كي نصل الى خلاصة تحليلية عن اللغة ومدلول اللغة و”لغات اللغة” انطلاقاً من الوحدة الأولى الأساسية التي هي الكلمة.
بعد ثمانية وأربعين جواباً من وليد غلمية وعبدالله نعمان وإملي نصرالله وأمين ألبرت الريحاني وجوزف أبي ضاهر وسلوى السنيورة بعاصيري وجوزف جبرا وزهيدة درويش جبور ومي منسّى وهدى النعماني وغالب غانم ومحمد بعلبكي وهشام جارودي وألكسندر نجار وجورجيت جبارة وغازي قهوجي وسمير عطالله وإلهام كلاّب البساط وأنطوان مسرّة وفاديا كيوان وريمون جبارة وسلوى الخليل الأمين وندى عيد وهنري العويط ومنير أبو دبس وندى الحاج ونجوى نصر وهناء الصمدي نعمان ووردة زامل ونُهاد نوفل وكريستيان أُوسّي وفؤاد الترك وشوقي بزيع وأسعد مخول وإيلي مارون خليل وجورج كلاس ومفيد مسوح ومحمد علي شمس الدين ومنيف موسى وسهيل مطر وجورج سكاف ومروان فارس وإميل كبا وهيام ملاّط وعصام كرم وعمر حلبلب والياس حنا وإدمون رزق، هنا الجواب التاسع والأربعون (قبل الأخير) من الكاتب والسياسي سجعان القزي.
هنري زغيب email@old.henrizoghaib.com

__________________________________
______________________________________
________________________________________

49) سجعان القزي: الوجدان
الأربعاء 8 حزيران 2011

ما اخترتُها لأنها الأجملُ لفظاً، بل لأني أَلوذُ بها كلّما بحثْتُ عن تعبيرٍ يَجمع العقل والقلب ويَصِلُني بالآخر.
إنها كلمةٌ/شعورٌ تَجعل الـ “أنا” تتألّف من جميع أحرف الأبجدية، وتجعل الأبجدية ناطقة بجميع اللغات.
بالوجدان يصبح المفردُ جمعاً، والجمعُ مفرداً.
الوجدان عاطفةٌ تَمتدُّ عبر جميع الحواس، فتبلغُ العقل وتستقرُّ في الضمير.
حين أتحدّث بوجداني، كأني أُقسِم اليمين.
وحين أعجز عن انتزاع اعتراف الآخر بالحق عبر براهين مادية ومنطقية، أَستحلفُه بوجدانه كأنه شَرَفُه.
يُميّز الوجدانَ عن العاطفة أن هذه أحياناً قد تكون سطحية، أما هو فدائماً عميق.
الوجدان لا يستقبل عاطفةً من دون عمق كبرياء ونبل وصدق.
العقل قد يُحوِّر الحقيقة دفاعاً عن عقيدة.
القلب قد يتعامى عن واقعٍ من أجل قصة حبّ متمرّدة.
الوجدان، لا.
إنه الحقيقة. وفي البدء كان الوجدان.
العلاقة الوجدانية تردع عن خطيئةٍ وخيانة، وتقفز فوق معاتباتِ شوقٍ وغياب.
العلاقة الوجدانية تَهزأ بالموت لأن الْتئام عقدِ العقل والقلب يَستحضر الحياة، فترى هنا مَن هو هناك.
خلافاً لكلماتٍ كثيرة، تظهر كلمة “الوجدان” في الشعر والنثر، في الحب والسياسة، في الفلسفة والأدب، في الحاضر والمستقبل، وليست تَفقد أيَّ بُعْدٍ من أبعادها.
كلمة تصلح لِجميع حالات النفس إلا الحقد.
لأني أجهل الحقد، أُساكن الوجدان فيفيض حبي ولا ينضب.
إن المحبة تتغذّى من فائض الوجدان.
_________________________________________
*) الأربعاء المقبل- الحلقة 50 (الأخيرة): خلاصة عامة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*