الحلقة 1000 : 1000 وردة إِليك يا وليد
الأربعاء 15 حزيران 2011
منذُ سنواتٍ، وأنتَ تتابعُ هذه الحلقات من الـ”نقطة على الحرف”.
ومنذُ أسابيعَ، وأنتَ تُفَكِّر معي كيف يُمكن الاحتفاءُ بِـبُلوغ هذا البرنامج حلقتَه الألف.
وكنتَ تُعلّق على كلّ حلقة،
كتابةً أو مهاتفةً،
أو شفاهةً حين نلتقي،
مُثْنياً على هذه،
مُنْتَقِداً تلك، في تواضع الصديق الْمُحِبّ،
أو مقترحاً فكرةً لِهاتيك بكلّ تَقَشُّفِ الاقتراح غيرِ الدعيّ.
وكنتُ كلَّ صَباح بعد إذاعة الحلقة،
أَنتظرُ اتصالَك،
أو كتابتَك تعليقَك،
أو رأيَكَ فيها،
حتى بات تعليقُكَ جُزءاً ملحقاً عضوياً بِهذا البرنامج، لإيماني بصوابية رأْيكَ الصَّدوق.
وكنتَ تُحِبُّ هذا البرنامج:
* صوتاً لأحلامنا معاً ببيتٍ للأُوركسترا
عوَضَ تَنَقُّلِها كالبَدْو الرُّحَّل من كنيسةٍ إلى مسرحٍ إلى صالةٍ مستعارة،
* أو صوتاً لغَضَبِنا معاً على هذه الدولة الْمَرْتَا
لاهتمامها بأمورٍ كثيرةٍ إلاّ ببناءِ دارٍ للأُوپّرا تَليق بلبنانَ الرقيّ الموسيقي.
ولأن في مقطوعتك “تلال ورد” فَرَحاً مُلَوَّناً وبساطةَ جمالٍ وزَهْوَةَ حياة،
أَخذتُها مقدمةً موسيقيةً لهذا البرنامج وخاتمتَه الموسيقية،
لأنّي هكذا أَراك وسأبقى أَراك:
فَرَحاً باسِماً على تلّة ورد.
ولا تزال مقطوعتُك حتى اليوم تفتتح الحلقةَ
فلا يطلُّ صوتي إلاّ بعدَ موسيقاك،
وحين يَسكتُ صوتي في آخر الحلقة تواصلُهُ موسيقاك.
وكلّما اقتربَتِ الحلْقةُ الألف،
كنا نفكّر كيف نَحتفي بِها:
أَفي لقاءٍ خاص مع الأصدقاء؟
أم في حلقةٍ أُعَيِّدُ فيها المستمعين الذين رافقونا، مثلك، طَوال ألف حلقة من هذا البرنامج،
منذ الحلقة الأُولى في 16 شباط 2004؟
وها هي الحلقة الألفُ وصلَتْ، يا وليد، وأَنتَ غادَرْتَ.
والأُسبوع الماضي، عوضَ أن أَسأَلكَ عن اقتراحِكَ للحلقة الألف اليوم،
كنتُ أمشي وراء نعشِكَ في جديدة مرجعيون
وفي رأسي يَضُجُّ السؤالُ الألف:
ماذا يبقى بعد أن تنهارَ فينا حفنةُ هذا التراب التي نستعيرُها حين نولدُ كي نعيش فيها
ثم نُعيدها إلى التراب؟
ماذا يبقى؟
يبقى أثَران لا ثالثَ لهما:
* حُبٌّ واحدٌ وحيدٌ نعيش في نُعمَاه فلا يزولُ ولو زلنا،
* وأعمالٌ إبداعية تكمل بعدنا المشوار.
وأنتَ عِشتَهما معاً:
* حبَّكَ الواحدَ لغرامكَ الوحيد: “إلْهام” رفيقةِ الدرب الطويل،
* وأعمالَكَ الموسيقيةَ التي ستُكْمِلُ عنك إلى قلوب الناس وذاكرة الوطن.
لأجل هذَين الأَثرَين معاً،
تَستحقُّ الحياة أن نَحياها،
وأَلاَّ نأسفَ حين نغادرُها:
* فالحبُّ الحقيقيُّ الذي نعيشه يَحفَظُنا من الغياب،
* والمؤلفاتُ التي نَضَعُها تَحفظ لنا حُضوراً دائماً أقوى من الغياب.
ولأجل ما كان من صداقتنا الطويلة،
أُهدي إليكَ هذه الحلقةَ الألْف يا وليد،
فلا وفاءَ لكَ عندي أصدقُ من أن أُقدّمها إليك، وكنتَ تنتظرُها كي نَحتفي بِها معاً.
شكراً لكَ، يا وليد، على كُلِّ خَطْرَةٍ من صداقتنا الطويلة،
حَـلِمْنا فيها معاً،
أَو تَوَقَّعْنا لها معاً.
غير أننا، في جُموح أَحلامِنا وتَوَقُّعاتِنا، نَسِينا أمراً واحداً:
لَم نَحسَبْ حساباً للموت.