948: بقرة كلّ يوم… ويُشفى الوطن

الحلقة 948: بقرة كلَّ يوم… ويُشفَى الوطن
الأربعاء 13 تشرين الأول 2010

غريبةً كانت الدعوةُ في البداية. كيف؟! وهل يُمكنُ اللجوءُ، علاجاً، الى معانقة البقر؟
جاك هابْكِس وزوجته مارِنْتْ أثبتا أنّ ذلك يُمكن أن يكون علاجاً لتخفيف التَّوتُّر والبحث عن نوعية حياة أفضلَ، هادئةٍ سائغة، بأعصابٍ مرتاحةٍ ومُريحة.
ففي بلدة زاتْفِنْ الهولندية أنشأ الزوجان مزرعةً للبقر، ونظّما فيها دوراتٍ وَوُرَشَ عملٍ مدروسةً مبرمَجةً سرعان ما استقطبت دفعاتِ مهتمّين من فئاتٍ عمرية مختلفة، بدءاً بالصغار وصولاً الى العمر الثالث.
عنوان الدورات: “معانقة البقر”، وحكْمتُها “فَنُّ التواصل غير الناطق”، وذلك بإبراز ما في أعماق الكائنات من تناغُمٍ خفيٍّ بين الإنسان والحيوان والطبيعة.
من نتائج تلك الدورات التي أقفلَت حجوزَ المشاركين حتى فترة متقدِّمة من سنة 2011، ثَبُتَ أنّ التعاطي مع البقرة يفرض الهيبة بفضل حجمها ودماثة مقاربتها، وأنّ البقرة وَدودٌ في مبادلة العطف بالعطف، لا تغدر ولا تفاجئ. وفي معاطاة الأولاد مع العجول الصغيرة ودادٌ مميّزٌ يرتاح إليه الأولاد في تَهذيب تعاطيهم مع الحيوانات فيكبَرون على احترام حياة الآخر البشرية والحيوانية والنباتية، ولا تعودُ البقرةُ صورةً في كتابٍ أو بطلةَ قصةٍ ترويها لَهم أمَّهاتُهُم قبل النوم.
ومن النتائج العلمية لهذا “العلاج”: زيادة دَرّ الحليب من البقرة حين تلقى الحنان، وتالياً يدوم حليبها أطول.
ومن النتائج كذلك: ثَبُتَ أنّ البقرة تمتص التَّوتُّر وهياجَ الأعصاب لدى المشاركين في هذه الدورات، وتُهَدِّئُ من كلّ انفعالٍ صاخبٍ، وَرَدَّةِ فعلٍ سلبيةٍ مرتَجَلَةٍ انفعالية، ما يشير الى تأثير البقَر على البشَر، وعلى تهدئة الأعصاب وتخفيف التَّوتُّر.
وكما في هولندا، حبّذا لو عندنا مزارعُ بقَر تزاول هذه التجربةَ الرائدةَ العلاجِ لِمن يُعانون من التَّوتُّر وهياجِ الأعصاب، فيذهبُونَ الى دوراتٍ يعانقون فيها البقر، ويتصالحون مع ذواتهم ومع الغير فيَهْدأُون، ويَنحَون الى حياةٍ أفضل، فيزدادُ عندنا حليبُ البقر، وينتعش القطاعُ الزراعيُّ بزيادة مزارع البقر، ويتساوى التعامُل مع السِّوى البشريّ والسِّوى الحيوانيّ ومع الطبيعة بكائناتها حولنا، وينخفضُ التَّوتُّر في الوطن فيُشفى، ويتعلّم المتَوتِّرون والْمَوَتِّرون والْمَوْتُورُون أنّ الحياة في الوطن، كي تكون هنيّةً سائغة، لا تَحتاجُ إلى أكثرَ من علاجٍ بِـ… مُعانقَة البقر!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*