الحلقة 912: شُرعة الطريق الى النجاح
الأربعاء 9 حزيران 2010
مع موسم الامتحانات هذه الأيام، لافتةً وضروريةً جاءت بادرةُ وزارة التربية بإصدار “شُرعة الحقوق والواجبات للتلميذ المرَشَّح الى امتحانات الشهادة الرسمية”. ومُهمٌّ أن يعرف التلميذ سلفاً حقوقَه بنيلِ احترام جهاز المراقبة، وتوافُرِ جَوّ الهدوء والانضباطِ في قاعة الامتحان، وإرجاعِ كرّاس المسابقة عند الضرورة، ومراجعةِ المراقب عند الحاجة، وأن يعرف واجباته في الالتزام بموعد الحضور الى مركز الامتحان، مصحوباً بأوراقه الثبوتية، وتركِ جهازه الخلوي خارج قاعة الامتحان، وعدمِ إزعاج رفاقه، واحترامِ أنظمة الامتحانات وتعليمات المراقبين، وعدمِ الغِش، وعدمِ تجاوز وقت المسابقة، وما إليها. وهي أمور قد تبدو بديهيةً لأن معظمَها حاصلٌ تلقائياً بدون الشرعة، لكنّ التركيزَ على نقاطها، بإطْلاع التلامذة عليها، يضبط سلوكهم سلفاً ويُشعِرُهم بِهَيبة المراقبة وضرورة اتّباع التعليمات.
غير أن هذه الشرعة غيرُ كافيةٍ بعُمرها القصير الذي لا يتجاوز فترة الامتحانات. لذا، مثلما هي ضرورية لضبط السلوك أيام الامتحانات، ضروريةٌ مثيلتُها لضبط السُلوك طوال السنة المدرسية حقوقاً وواجبات. وفي القانون العام، ليس من يَحُقّ له جهلُ القوانين، فكيف إذا كانت مطبوعةً وموزَّعةً سلفاً على التلامذة عند دخولهم في اليوم الأول من السنة المدرسية، يقرأُونها، أو يُصغون الى من يقرأُها عليهم ويشرحُها ويفصِّلُها قبل توزيعها، فيعرف التلامذة منذ اليوم الأول ما لا يعودون يَجيبون عن مُخالفتهم إياه بأنهم لم يكونوا على علمٍ بأن هذا أو ذاك مُحظَّر أو مَمنوع، ويعرفون كذلك ما هي حقوقهم عند أي حادثة أو حالة خلال العام الدراسي.
هذا الأمر ضروريٌّ أن تبادر إليه وزارة التربية، وهو أمر معروفٌ في العالم، مدارسَ وجامعاتٍ، كما شرعةٌ صدرت عن إدارة التعليم في مدينة نيويورك، جاء في مقدمتها أنّ الهدف منها هو “إيجادُ شعور الاحترام المتبادَل بين التلاميذ والأهل والموظفين لما فيه خير جميع المعنيين، وإشراكُ التلاميذ في أنشطةٍ وبرامجَ داخل وخارج المجتمع المدرسي، من أجل خبرة تعليمية غنية، وامتياز تعليمي لكل تلميذ، وهذه الشرعةُ دليلُ التلامذة في سعيهم الى أن يصبحوا مواطنين مُنتِجِين في مُجتمعٍ مُنتِجٍ متنوِّع”.
إن إصدار شُرعةٍ كهذه في مُجتمعنا اللبناني، حقوقاً وواجبات، في مدارسنا وجامعاتنا، وإطلاعَ التلامذة والطلاب عليها في أوّل العام المدرسي والجامعي، كفيلٌ بتوفير مشاكل كثيرة، وتجنيبِ التلامذة والطلاب والإدارات معاً مواجهةَ أحداثٍ وحوادثَ واضطراباتٍ خلال السنة، يُمكن الشرعةُ أن تُخفِّفها الى حدِّها الأدنى حين يعرف التلميذ أو الطالب حقوقَه فيُلْزِمُ بِها، وواجباتِهِ فيَلْتَزَمُ بها.
وهذه خطوةٌ أولى نحو مدرسةٍ أو جامعةٍ تؤسِّس لبناء مُجتمعٍ خَيِّرٍ بَنَّاءٍ وفاعل، في وطنٍ لا يُمكنُ البدءُ ببناء إنسانه إلا على مقاعد المدرسة، وفي قاعة مُحاضرات الجامعة.
عندها يكون تَخَرُّجُ الطلاّب باباً أوّلَ يَخرُجون منه الى مُجتمع يَبنونَه، أولَ ما يَبنونَه، على وعي الحقوق واحترام الواجبات.