الحلقة 909: حتى أنتِ يا سارة ؟؟؟
الأحد 30 أيّـار 2010
مع الحلقة الأخيرة، اليوم، من أربعِ الانتخابات البلدية، تطفو كالعادة مسألةُ الرَّشوة التي ترافق الانتخابات عادةً، بلديَّها والنيابِيّ، كأنما باتت جُزءاً من فولكلور الانتخابات، أو كأنما هي فرصةٌ لدى فئة من الناخبين ينتظرونها انتهازياً، أو عن حاجة.
من يتعاطى الرشوة؟ من يرشُو؟ ومن يرتشي؟ وإلى أيّ حدٍّ يُمكن أحدٌ أن يرتشي؟ وهل يمكن أن تكون الرشوةُ اعتياداً ينشأُ عليه البعض، يتعيَّشون منها وتبات جزءاً من تعاطيهم مع المجتمع؟ هل الحاجة أو الضرورة تبرِّر اللجوء الى الرشوة؟
وهل الرشوة قصْرٌ على ذوي الحاجة فقط؟ ألا يُمكن أن تكون تحريضاً على غشّ، أو مدخلاً الى مؤامرة؟
الأُسبوع الماضي اهتزَّت بريطانيا لفضيحةِ رشوةٍ كانت ضحيَّتَها دوقةُ يورك سارَه فرغُسُون التي كشفَها شريط ڤيديو وهي تساومُ رجلَ أعمالٍ هندياً على 500 ألف پاوند مقابلَ أن تسهّل له لقاءً مع زوجها السابق الأمير أندرو (ابن إليزابيت الثانية ملكة إنكلترا، ومُمثل المملكة المتحدة الخاص لشؤون التجارة والاستثمار). وكانت تلك خدعةً أوقعَها بها مُخْبِر سرّي ادّعى أنه رجلُ أعمال، وسجّل لها خِلسَةً شريطَ ڤيديو وهي تفاوضه على دفْع المبلغ من أجل أن تنفتح له أبوابُ زوجها السابق فيُجري معه صفقاتٍ تِجاريةً مربِحَةً اشترطَت عليه أن تكون حصتُها منها 1% على كلّ صفقة. وتسلَّمت منه مبلغ 40 ألف دولار نقداً، دفعةً أُولى ادَّعت أنها في حاجةٍ إليها قسطاً أول لِمُعاونةٍ لها تنوي الدخول الى جامعة أميركية.
لدى انكشاف أمرها، وانتشار الفضيحة في صحيفة “دايلي إكسبرس” ومنها الى الصحف البريطانية والمواقع الإلكترونية، صرّحت ساره أن الدافع الى تلك العملية لم يكن وضعها المالي، وأكّدت أن زوجها السابق ليس على علم بهذا الأمر بتاتاً.
ولم ينفع في تخفيف الصدمة عنها تصريحُ أصدقاء لها بأنّ “هدفها في الأساس كان تأمين قسط الجامعة لِمعاونتِها”، ولا تصريحُ الناطق باسمها أنها “كانت ساذجةً في ارتكاب عملٍ كهذا عرَّضها للفضيحة والشماتة والعار”.
هكذا يتّضحُ أنّ الرشوة لا يُمكن أن تبقى سِرِّيَّة، مهما حرَصَ الراشي والمرشوُّ على إخفائها.
ويتّضحُ أيضاً أنّ الرشوة إدمانٌ يُغري: فالراشي يعتاد أن ينال ما يريد عبر الرشْو، والمرتشي يعتاد ألاّ يبادرَ إلاّ عبر الارتشاء. وما دامت الرشوةُ بلغَت أن تقع فريستَها دوقةٌ كادت أن تكون ملكة على بريطانيا العظمى، فعدوى الرشوة قد تبلغ الكبار كما تصيب الصغار، وتالياً هي آفةٌ حافيةٌ في المجتمع، لا صوتَ لها عند وقوعِها، لكنَّ صداها، حين تنكشف، يكون أقوى من كلِّ صوت.