الحلقة 880 : جدَّتي.. والدكتور ماو
الأربعاء 3 شباط 2010
في الغالب أن نُسقط من حسابنا عاداتٍ وتقاليدَ من الماضي، نُهملُها مستعيضين عنها بما يقدِّمه لنا العلْمُ الحديث وما تُسْديه إلينا التكنولوجيا. وقد يكون هذا الأمر صحيحاً وسليماً في حالات عدة، لكنه لا يصلح في المطلق من الأحوال.
تروي لنا أمهاتُنا عن أمهاتهن، جدّاتِنا الطيّبات، أن الحساء كان لازماً ومُلازماً حالاتٍ صحيةً عدة، يتداوين به تخفيفاً لِحُمّى أو ادِّراءً لزكامٍ ووباء، أو بعضَ علاجٍ لِحالات مَرَضية نلجأ اليوم الى الصيدلية كي نداويها بحبوب وأدوية وعقاقير علمية مصنّعةٍ كيماويةِ التركيب، مشيحين عن وصفات جداتنا، ومنها حساء الشورباء.
ولكنْ… ها هو الطب الصيني يعيدنا الى الشورباء: فوائدَ ومنافعَ وغذاءً واقياً، عبر اكتشافات الدكتور “ماو شنْغْ نِي”، الخبيرِ في مقاومة الشيخوخة، وصاحبِ كتاب “أسرار طول العمر” الذي جَمع في وصفاته حكمة الطب الشرقي القديم الى أحدث مكتشفات الطب الغربي.
ومن وصفاته الرئيسة: العلاج بِحساء الشورباء وفيها خصائصُ طبيةٌ ووصفات جداتنا الفطرية، ومنها إنقاص الوزن الزائد، إدفاء الجوف ادّراءً للرشح والزكام، زيادة المناعة في الجسم، وجعل الشورباء طعاماً شَتَوياً رئيسياً ضرورياً طوال فصل الشتاء والبرد والصقيع.
وينطلق الدكتور ماو في نظريَّته من مَثَلٍ صينيٍّ قديم يقول إن الطبيب الماهر هو الذي يلجأُ الى العلاج بالطعام أولاً ثم الى العقاقير. من هنا يصف الدكتور ماو الشورباء مرحلةً أُولى للحفاظ على الصحّة واجتناب المرض، ذلك أن الجسم يمتصُّ في سهولةٍ أغذية الشورباء.
وعن الدكتور ماو أن قصعةَ شورباء واحدةً كل يوم تُنقص الوزن تدريجاً وتخفّف السُّمنة التي هي في أساس أمراض القلب والسرطان والسكريّ. ويشدِّد ماو على الشورباء المصنوعة في البيت من الخضَر الطازجة لا المصنّعة كيماوياً في علب وأكياس.
ومن فوائد الشورباء زيادة المناعة في الجسم بما تعطيه من معادن ضرورية له، خصوصاً عند طهي الشورباء على نار خفيفة لا تُحرق الڤيتامينات الموجودة في خلاصة الخُضَر.
ومن فوائد الشورباء كذلك تنقية الجسم من السموم بإزالتها الشحومَ الزائدة والرواسب المتجمدة يابسة في ثنايا الجوف، فتزيل السموم من الكبد، وتحسّن الدورة الدموية، وتُجنّب الالتهابات، وترفد الجسم بمعادنه اللازمة لمناعته.
ويرى الدكتور ماو أن أهمية الشورباء في كون الجسم لا يحتاج جهداً كبيراً لهضمها وامتصاص فوائدها وڤيتاميناتها، من هنا سهولةُ اقتباله إياها، وجنيُ فوائدها، وغُنمُه من دفئها وأغذيتها، ما يجعل الجسمَ يقاومُ أيّ التقاط لجراثيمَ تولّد المرض. ويركّز الدكتور ماو هنا، في شكل رئيسي، على شَورباء الدّجاج وشورباء الخُضَر.
بهذا ينصح الدكتور ماو في الصين، فلنصدّق خبرتَه ولنصدّق جَدّاتنا، ولنؤْمن مُجدداً بمقولتنا السائرة من أنّ الأكبرَ منا بيومٍ أخبرُ منّا بسنة، وكذا كانت جداتنا اللواتي أثبتَ الدكتور ماو، ابنُ العصر الحديث، أنّ وصفاتهنّ القديمة ليست من الزائل اليوم بل من الثابت الصحي اليوم، و… كلّ يوم.