837: بين بيروت السياحية وبيروت السياسية

الحلقة 837: بين بيروت السياحية وبيروت السياسية
(ليـوم الأحد 6 أيلول 2009)

مرةً أُخرى: ها هي بيروت تشُعُّ على الخارطة العالَمية.
ففي دراسة صدرَت قبل أيام عن مؤسسة “دِيْلُّوْيْتْ” للاستشارات الدُّولية أنّ بيروت حلَّت “على رأس جميع الأسواق العالَمية بالإشغال الفندقي في شهر تَمُّوز الماضي”.
وحين نعرف رصانة الدراسات الصادرة عن مؤسسة “دِيْلُّوْيْتْ” الدولية التي ترقى الى سنة 1833 في حقل الاستقصاءات والاستفتاءات والإحصاءات العالَمية، ندرك أن هذه المعلومة عن بيروت ليست عن هوىً ولا عن انحياز، بل نتيجةَ أرقامٍ ثابتة دامغة لا تقبل الجدل.
وكانت شركة “دِيْلُّوْيْتْ” أجرت دراسة علمية عن أداء قطاع الفنادق في العالم، فظهر أن الشرق الأوسط حقَّق “أعلى مردودٍ سياحيّ من الغرف خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقارنة بأوروبا وأميركا وشرق آسيا. وشهدت فنادق الشرق الأوسط أقل نسبة انخفاض في مردود الغرف المتوافرة مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2008، فبلغت 17،7%، بينما تراجع مردود الغرف بنسبة 30،2% في أوروبا و 28،6% في شرق آسيا.
وأشارت الدراسة إلى أن معدّل الإشغال في فنادق الشرق الأوسط بلغ 62،8% حتى تموز 2009، وحلّت أبو ظبي أُولى في معدّل إشغال الغرف الفندقية المتوافرة بنسبة 77،6% خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، وحلّت بيروت ثانية مع معدّل إشغال فندقي لبناني بنسبة 69،8% خلال سبعة أشهر هذا العام، بارتفاع 58،3% عن الفترة ذاتها من 2008. ولفتَت الدراسة إلى أن “معدّل الإشغال في بيروت خلال تموز 2009 استمرّ بالارتفاع لتكون بيروت على رأس جميع الأسواق العالمية في مَجال الإشغال الفندقي خلال شهر تموز، بزيادة 107،2% عن العام الماضي”.
هذه الأرقام العلميةُ الدامغةُ غيرُ ذات الهوى، تشير الى أنّ موسم لبنان السياحي هذا الصيف كان على حجم المتوقَّع والمنتظَر. وأن تَحلَّ بيروت ثانيةً بعد أبو ظبي (وما ترتع به أبو ظبي من تسهيلات لوجستية واتصالاتية ووضع سياسيّ مستقرّ) أمرٌ يشير الى أن بيروت مهيَّأَةٌ لأفضل جداً. فـبِِمواقع لبنان السياحية والطبيعية والتاريخية والأثرية، وفي وضع سياسيٍّ مستقرٍّ بعيدٍ عن تعنُّتات السياسيين والقلق السياحي الذي تَخلُقه تَجاذباتُهم وتناتُشاتُهم المناصبَ والمقاعدَ والسلطةَ – ولو على حساب سمعة لبنان السياسية في الخارج -، يُمكن تَصَوُّرُ أنْ تكونَ بيروت أُولى لا في الشرق الأوسط وحسب، بل ربّما على خارطة العالم السياحية، كما ظهرت في أكثر من صحيفة عالَمية كبرى قبل أسابيع.
مرةً أخرى: بين لبنان السياحة ولبنان السياسة، ما بين شمسٍ ساطعةٍ بالجمال، وغيومٍ سُوْدٍ كثيفةٍ ولو عابرة، تَحجب هذا الجمال.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*