الحلقة 835 : دور المرأة اللبنانيّة فرصةٌ للرجل لا مِـنَّـة
الأحد 30 آب 2009
عطفاً على الحلقة السابقة (الأربعاء الماضي) حول المرأة اللبنانية ودورها في المجتمع المدني وقدرتها العالية على إثبات حضورها في المناصب العالية، وتقصير الهيئات النسائية المختلفة عندنا في الإضاءة على نساء لبنانيات حاضرات جديرات، يتناولُهُنَّ الإعلام العالَمي ويضيءُ بدوره عليهنّ، يَجمُل الكلام اليوم على دور الرجل في عدم إعاقة هذه الإضاءة، هو الذي لا يزال، في معظم الأحوال والحالات، من منطق مُجتمعٍ ذكوري متواصل التقاليد.
وَلْنَنْتَهِ من المقولة السائدة إن “وراء كلّ رجل عظيم امرأة”. فللمرأة دورٌ أكبر بكثير من أن تكون وراء الرجل. إن لَها مكانتَها هي، ومعاييرَها هي، ومقاييسَها هي، تتيح لها بأن تتخطى الفسحة المتاحة لها من الرجل، فتكون مستقلّةً تَماماً عن دور الرجل وحضور الرجل من أجل أن تتخذ مكانها في المجتمع. فهي في ذاتِها قُدرةٌ علميةٌ وأكاديميةٌ وإبداعيةٌ قادرةٌ على إثبات فاعليّتها وجدارتِها وحضورها، وأكثر: قادرةٌ على منافسة الرجل في حقول كثيرةٍ من المسؤولية والإدارة والحكم وإنجاح كبرى المشاريع. والحلقات الجامعية الأكاديمية عندنا شاهدةٌ على ما عندنا من تَفَوُّقٍ نَسَوِيّ يفوق الكثير مِما عند سوانا في المحيط العربي.
ولا يتبجّحَنّ الرجل اللبناني بقدرته على القيادة والإدارة، فإدارتُه وقيادتُه ونَجاحاتُه، مهما اتّسعت وعَلَتْ مَحلّياً، إذا ما قيست بِحجم لبنان تظل ضئيلةً أمام مؤسسات عالَميةٍ خاصةٍ كلُّ واحدة منها في حجم لبنان، وأحياناً تديرها امرأة.
إذاً: حضور المرأة في المجتمع اللبناني ليس مِنّةً من الرجل بل فرصةٌ له، والأمثلة عندنا عديدة، في جميع ميادين الدورة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وثبُتَ أن المؤسسة التي تديرها أو تعمل فيها امرأة تتَّصف بِمغايرةٍ لافتة من حيث الترتيب والتنظيم والاستشراف وإتاحة فرص العمل، وهو ما أَثْبَتَتْهُ أكثرُ من سيدة لبنانية تولَّت، أو تتولَّى اليوم، مسؤوليةً إداريةً أُولى في مؤسسة أو إدارة رسمية أو خاصة.
وما نعاينه من نَجاحاتٍ متفوِّقة وأعمالٍ مُنْجَزَة لصبايا لبنانياتٍ جامعياتٍ متخرجات، أو لسيداتٍ لبنانياتٍ فاعلات، جديرٌ بأن نُشَدِّد على حضور المرأة اللبنانية الفاعل في مُجتمعنا، لا بإتاحة الفرصة لَها، بل بإتاحة الفرصة للرجل نفسه كي يَغْنَمَ من حضور المرأة اللبنانية، نعمةً له كي ينهضَ المجتمعُ اللبناني من دائرة الانْحصار المتزمِّت إلى أفق الاختيار الْمُتيح، فيكونَ حضورُ المرأة اللبنانية فرصةً للرجل لا فرصةً للمرأة، ويكونَ وصولُ المرأة إلى عُليا المسؤوليات جدارةً منها لا منحةً من الرجل، وَلْيَنْهَضْ بعدها مُجتمعٌ عندنا مثالِيٌّ نَموذجيٌّ في المنطقة يكون معه لبنانُ رائداً في عَنْوَنَةِ المرأة اللبنانية على جبين الصفحة الأُولى من تاريخه الحديث.