الحلقة 829: لماذا السياسيون يكذبون، والمواطنون يصدّقون؟
الأحد 9 آب 2009
جاء وقتٌ كانت فيه الكتب الأكثر مبيعاً هي الروايات والمذكِّرات وبعض كتب التاريخ وكتب السياسة، وفي مواسمَ معيّنةٍ كتب الطبخ والفلك. غير أنّ مؤلّفين جُدُداً دخلوا على عالَم الكتاب، فَرَوَّجُوا لكتبٍ خارج هذا السياق، منهم الأسترالي آلَن پـيز الذي وضع، وزوجته باربرة، سلسلة كتب سيكولوجية وسوسيولوجية حقّقت مبيعاتٍ خيالية بلغَت ملايين النسخ في العالم وأصدرا قسماً منها في كتب سمعية، وفي ڤيديو كليپات رائجة بسرعة عجيبة.
لماذا؟ لأن آلن پـيز عرف كيف يدخل قلوب الناس واهتماماتهم اليومية، في فضولٍ مرة، ومراتٍ في دقة تحليل. وكتابه “لغة الجسد” بيعت منه ملايين النسخ في لغات كثيرة واعتُمِدَ في معظم المؤسسات والمنظّمات العالمية لبراعته في تحليل إشارات أقسام من الجسد تعبِّر بأبلغَ من الكلام. وهو أصدر خمسة عشر كتاباً، تسعةٌ منها هي الأكثر مبيعاً في العالم، مترجمةً إلى إحدى وخمسين لغة، مباعةً في أكثرَ من مئة بلد، بالغةً حتى اليوم نحو خمسةٍ وعشرين مليون نسخة، ولأجلها دعي حتى اليوم إلى خمسة وخمسين بلداً يعطي فيها ندواتٍ ووُرَشَ عملٍ ومُحاضراتٍ ولقاءات تلفزيونية لا تُحصى. ومعظم مؤلفاته صدرَت كُتُباً عادية ثم كتباً سمعيةً بصوت المؤلف الذي هو اليوم من أبرز وجوه الإذاعة والتلفزيون في العالم.
من أشهر كتبه: “لماذا الرجال لا يُصغون، والنساء لا يستطعن قراءة الخرائط”، وفيه مُقاربةٌ طريفة لقدرات الرجال والنساء في التعامل اليومي، وفي مواقف تُظهر مكامن القوة والضعف عند الرجل والمرأة، ومنها التركيز: فالرجل عادةً يصغي إلى مواضيع تعنيه ولا يركّز على مواضيع أخرى، والنساء يُظهرن قدرةً في الفطرة والحدس ويدعين الاستدلال على الوجهات بدون التركيز على العودة إلى الخرائط.
ومن كتبه أيضاً: “لماذا الرجال يكذبون والنساء يبكين”، للدلالة على تأثيرٍ في الناس المحيطين يَجِدُهُ الرجال في الكذب وتجده النساء في البكاء.
ومن كتبه أيضاً:
“لماذا الرجال يملكون الأسرار أقلّ، والنساء يَحتَجْن إلى أحذية أكثر”،
و”ليس المهم ماذا تقول بالكلمات بل كيف تعبر بوجهك ويديك”،
و”لماذا الرجال يركزون على لغة الجنس والنساء على لغة الحب”،
و”أفضل الدُّرَب لحياة سعيدة”، و”أفضل الأساليب للكتابة”،
و”تكلَّم اللغة”،
و”كيف تكون الأسئلة هي الأجوبة”،
و”لماذا الرجال لا يُحسنون إلاّ عملاً واحداً في الوقت نفسه والنساء لا يتوقّفن عن الكلام في الوقت نفسه”،
وفي خلاصةٍ طريفةٍ من هذا السياق: قياساً على كتابه “لماذا الرجال يكذبون والنساء يبكين”، يقيناً لو جاء ألَن پـيز إلى لبنان وعاش فترة فيه، لكان عاد إلى بلاده ووضع كتاباً يُحقِّق مبيعاتٍ مليونية كذلك، وسيكون عنوان الكتاب: “لماذا السياسيون يكذبون، والمواطنونَ يُصدِّقون”؟
وكل كتاب أكثر مبيعاً، وأنتم… تصدّقون.