الحلقة 822: المرأة والمرآة… خلاصُ التعابير غير المحكية
الأربعاء 15 تـموز 2009
منذ دخلَت المرأةُ ميدانَ العمل، في المكاتب والمؤسسات وسواها، وهي تتعرَّض للعيون والظُّنون والتحرُّش، تارةً لِمجرد وجودها في بيئة ذكورية، وطوراً لِما يصدر عنها (عفواً في معظم الأحيان) فيعرّضُها لِمقارباتٍ يَظنُّها الْمُحيطون بِها سهلةً، قياساً على ما يرونه – خطأً – في بعض تصرفاتِها أو حرَكاتِها العفوية.
ولا يكفي الصبيّة أن تُنفّذ تعليمات أهلها والأقربين من أن تكون رصينة، وحيادية، وتقول “شكراً” بتهذيب، وألاَّ ترفع صوتَها، وأن تَجلس في احتشام، وألاّ تُثيرَ عمداً انتباهَ مَن حولَها، وألاّ تتبجَّح في نقاشاتِها والحوارات. ففي أجزاء من جسمها حركاتٌ قد تُفسَّر خطأً بِما يَجلب لَها المتاعب أو المواقف الْمُحرِجة أو التحرُّش.
مَجلة “فوربس”، في ملحقها الخاص بالمرأة، نشرَت تَحقيقاً طويلاً مع سيداتٍ يعملن في مؤسسات كبرى، عدَّدت فيه حركاتٍ عفويةً من المرأة تَجلب عليها سوء التفسير وتالياً سوء المقاربة.
من هذه الحركات مثلاً: هزّة الرأس نُزولاً أو صعوداً عند الإصغاء، ما قد يُفسَّر استسلاماً لِما يقال، أو لَفْتَ نظرٍ للمتكلم.
ومنها شَبْكُ اليدين عند الحضن أو إخفاؤُهما تَحت الطاولة، ما قد يُفسَّر عدم الاقتناع بالمتكلِّم، أو الضجر من كلامه.
ومنها كَتْفُ الرِّجْلين إحداهُما فوق الأخرى، ما قد يُفسَّر مقاومةَ كلِّ موقف مرتَقَب.
ومنها الابتسامة المتواصلة، ما قد يُفسَّر نقصاً في الجِدية وعدمَ الاكتراث بِما يقال.
ومنها تكتيف الذراعين على الطاولة ما قد يُفسَّر عدمَ الثقة بالذات ومُحاولةَ الدفاع المسْبَق.
ومنها لعِب الأصابع بالشَعر أو الحلَى أو أطراف الثوب، ما قد يُفسَّر توَتُّراً أو، في ظَنٍّ سيِّئ، سهولةً في اقتبال المقاربة.
وعن كارول غومان، مؤلِّفة كتاب “التعابير غير المحكية” أنّ امرأة واحدة في جلسة لا تضم إلاّ رجالاً، تفترض سلوكاً ذكياً مضاعَفاً من المرأة كي تكون موازيةً حُضورَ الرجال، وقادرةً على مقارعتهم بالحجَّة والحضور من دون إثارة ظنونِهم وهواجسهم، وهنا مقدرةُ المرأة على مواجهة كلّ نوعٍ من النظرات والظنون، ومُحافظتُها على هَيبتها وحُضورها وطَلَّتها العالية.
وعن الكاتبة نفسها أنّ المرأةَ، بِحركات جسمها، أكثرُ تعبيراً من رجالٍ قد يُخفون خلف وجوههم ظنوناً وتعابيرَ غيرَ مَحكيّة. لذا تقع المرأة أحياناً في إفاضة تعبيرية بِحركات اليدين أو الوجه أو الأطراف، ما قد يفَسَّر خطأً في الجهة المقابلة، وقد يؤدّي إلى سوء فهمٍ في مقاربة الرجل، أو في تصرُّفه مع المرأة.
ولذا تنصح كارول غزومان بالمرآة، “المرآة صديقة المرأة”: لا كي تُعينَها فقط على حُسن الهندام وإشراقة الوجه قبل الخروج، بل للتمرين – قبل الخروج – على الْجَلسة والْجِلسة، على النُّطْق وتعبيرِ أجزاءَ من الجسم، وخصوصاً على انعكاس الحركات، ما سيُجنِّبُ المرأة سوءَ تفسير حركاتِها حين هي في المكتب أو في اجتماعٍ عامٍّ غالباً ما لا يضمُّ سوى رجال.
المرآة المرآة … صديقةُ المرأة الأُولى! فلتُحسِن الإفادة من هذه الصداقة!