الحلقة 812: هي ذي الدولة العادلة القوية القادرة
الأربعاء 10 حزيران 2009
أما والانتخاباتُ انتهَت مثلما انتهَت، وفازَ من فازَ، وخابَ من خاب ظُلماً أو قهراً، عدلاً أو استحقاقاً، فالزبَدُ الانتخابي يزول، و”القهرجانات” الانتخابية تؤول إلى النسيان، وفورة التشاتم والعنتريّات تضمحلّ وتمسي من المتغيِّرات الزائلة، وتبقى الثوابتُ التي لا إلى مُتغيِّرات.
ورأْسُ هذه الثوابت: ما حقَّقته وزارة الداخلية والبلديات “وكل المواطنين”، منذ التحضير للانتخابات، وإعلانها في يوم واحد لكل لبنان، وتوفير الجهوزية التامة لتأمين حصول الانتخابات من دون هزات أمنية، في مسيرة مضنية شاقة صعبة تَخطّتها وزارة الداخلية بكل حكمة ورزانة وحنكة واحترافية عالية، فسجّلت علامةَ شرفٍ، للدولة والعهد، تستحق أن تكون مثالاً في إدارة مصير البلد عند المنعطفات المصيرية.
ففيما رافقت التحضيرات الانتخابية حملاتٌ متوتّرة موتورة متشنّجة شخصية شخصانية نِزاعية نَزَّاعة، رافقَت وزارة الداخلية كلَّ ذلك بِحزمٍ ودرايةٍ وتفهُّم واستيعاب.
وفي مقابل البراكين الكلامية في “القهرجانات” التحريضية والدعايات الانتخابية والخطابات السياسية الهوجاء الفئوية واستخدام الإعلام مطايا ومتاريس، كان خطابُ الدولة العادلة القوية، عبر وزارة الداخلية الناجحة، استيعابياً حكيماً هادئاً ينبِّه المواطنين إلى حقوقهم في وسائل الإعلام والإعلان، بتوجيهٍ هادئٍ متوازن بصيرٍ ينبّه المواطنين إلى حقوقهم وواجباتهم.
وللمرة الأولى تواكب وزارةُ الداخلية العمليةَ الانتخابية في معايير عقلية رصينة حازمة، واجهَت بنجاحٍ حمأةَ مواقفَ لاهبةٍ من أطراف سياسية استقطبت جماعاتها ميليشياوياً حول شخص زعيمها، بينما الدولة، عبر وزارة الداخلية، نَجحَت في تَخفيف الحمأة وتَهدئة الغليان واستقطاب المواطنين حول المؤسسات الرسمية التي، حين يديرها أكفياء، تضيء للبنان بالإنتاج المشرق.
وتوازياً مع الماكينات الانتخابية السياسية من كُلّ صوب أطلقت وزارة الداخلية والبلديات “وكل المواطنين” ماكيناتها الإدارية المضبوطة فحضَّرَت ونظَّمَت وضبَطَت، وهيَّأَت لوائح الشطْب، وأصدرَت بطاقاتِ هويةٍ جديدةً، وكشفَت تزوير بطاقات الهوية، وأمَّنت انتخابَ الموظّفين والأساتذة، وعيَّنت أقلام الاقتراع -ولبعضها رئيساتٌ نساء-، ونسَّقت مع المطاعم إقفالاً واستقبالاً في معايير أَرضت أصحابَ العلاقة والروّادَ معاً، وتصرَّفَت أُمّاً لكل مواطن، راعيةً له حقوقَه، حافظةً له كرامتَه، وأَثبَتَتْ أنّ ما يَهُمُّها هو الوطن، وأنَّ مَن يهمها هو المواطن أياً يكن انتماؤه السياسي أو المناطقي.
وبعدما اعتاد الناس على السهولة والرُّعونة والتَّسَرُّع في فضْح مثالب الدولة، وجعْلِها مَكْسَر عصا، واستيطاء حيطها، ورشقها بالتهم والتقصير، إذا بنا اليوم: كلُّ من يتشدَّق بانتقاد الدولة، أثبَتَت الدولة أنها الأُم الراعيةُ الحاضنة، الحافظةُ حقوقَ أبنائها جميعاً من دون استثناء.
بلى، بعد تَجربة 7 حزيران: تَحية إلى العهد، وحكمةِ سيّد العهد، ومؤسسات الدولة في هذا العهد، وعلى رأْسها وزارة الداخلية والبلديات “وكل المواطنين”.
ويفترض الوفاء، بَعد التحية، رَفعةَ الرأس وقولةَ الحق: شكراً زياد بارود.