الحلقة 782: أَلْوانُ الْهالَة البشرية في تفسير الشخصيَّة
الأحد 22 شباط 2009
الْهالةُ، تَحديداً عِلْمياً، طبقةٌ كهربائيةٌ مغناطيسيةٌ حول الجسم البشري (تشكّل حقل الطاقة البشرية) وحولَ كلّ جسمٍ آخرَ في الكون. وهي تَشِعُّ من الشخص في طاقةٍ ذات ذبذبات هيولانيّة تتراوح قوّتُها بِحسَب الشخص الذي تَشِعُّ منه، فيكون حيادياً أو جاذباً أو لافتاً بقوّة، وهي تسمى “الهالة” (aura) أو “الهيبة” أو “قوة الشخصية أو الجاذبية”، وتُسَمى “الكاريزما” فَيُعْرفُ بِها صاحبُها. وللهالة عناصرُ هي التي تؤثِّرُ في سُلوك الشخص ومشاعره وعواطفه وانفعالاته وتفكيره وحتى صحَّته الجسدية والعقلية. وهذه الهالة نفسُها هي التي تَجذبُ ثُنائيّاً من الناس فيكون الْتِفاتٌ فانْجذابٌ فاستئناسٌ، ثُمّ تكون رغبةٌ فعَلاقةٌ فَحُبٌّ فَشَغَفٌ فَوَلَهٌ قد يبلُغُ حَدَّ رَجِّ الجنون العاصف في الحب الكبير.
من هذه الْهالة تتوالدُ تراكيبُ الشخصية، فتؤثِّر الهالةُ الجسدية على أحاسيس الشخص، وهالتُه الأثيرية على عواطفه، وهالتُه الحيوية على عقله، وهالتُه الكواكبية على علاقاته بالآخرين، وهالتُه الذهنية على منطقه، وهالته الماورائية على نشوته الكينونية، وهالتُه الروحية على صفائه الجوّاني.
وتكون للهالة أَلوانٌ ذاتُ معانٍ: فالحمراءُ القويّة تعني الغضب والهلوسة والقلق والتوتر، والحمراءُ الخفيفة تعني القوة والحيوية والشغَف، والزهريةُ تعني الحبّ والحنانَ والإحساسَ الرهيف والشهوة، والصفراءُ تعني اليقظة والإلهام والذكاء والإبداع والتفاؤل، والخضراءُ تعني التوازن والتطوُّر وحبّ الآخرين والطبيعة والمجتمع، والزرقاءُ تعني الهدوء والحدس والعطف وحُبّ المساعدة، والبنفسجيةُ تعني القوةَ النفسية وشدّة الرؤيا وحُبّ الفنون والمثاليات، والفضّيّةُ تعني الثروة والذكاء التجاري، والسوداءُ تعني الحقد وعدم التسامح (وقد تؤدّي الى مشاكل صحية)، والبيضاءُ تعني الصفاء والحقيقة والطهارة والصفات الملائكية، وذاتُ ألوانِ قوس القُزَح تعني النجومية، الى صفاتٍ وألوانٍ أخرى للهالة تفسِّرها كتبٌ سيكولوجيةٌ كثيرةٌ آخرُها كتابٌ صدر في نيويورك عنوانه “الهالة البشَريَّة ومعاني ألوانِها”.
كلُّ هذا لنقولَ إنّ فَهْمَ الهالة يؤدي الى فَهْمِ الذات، وتالياً فَهْمِ الآخرين أياً تكن ألوانُ هالتِهم، وقبولِهم وحسْنِ التعاطي معهم. فلِكُلّ شخصٍ هالتُه، إذاً شخصيّتُه المركَّبةُ من عناصر تلك الهالة، وهي التي تفسِّر سلوكَه وتصرفاته وطبيعته وأطباعه ومزاجه.
هناك: منطقٌ علميٌّ سيكولوجيٌّ مركَّزٌ على ألوان الهالة طُرُقاً الى العلاج فالشفاء، وهنا، عندنا: تَقَزَّمت الألوان الى رموز حِزبيّة فئويّة استفزازيّة غالباً ما تؤدي الى نفورٍ فانقساماتٍ فصدامات، فتغدو الألوان، عوضاً عن بَهجتها، مصدرَ شُؤْمٍ على من يعتنقونَها انتصاراً لِهذا أو ذاك، ومصدرَ تَباعُدٍ وتَخاصُمٍ عوض أن تكون مَنبَع إلفةٍ واتّحادٍ ورموزياتٍ شعبٍ يُحبُّ الحياة.
إنّ للأوطان أَيضاً هالتَها كما للبشر، وكذلك للبنان. فلنتَّعِظْ من هالات لبنان: هالتِه البيضاء كثلجه النقيّ، هالتِه الزرقاء كبحره الشاعريّ، وهالتِه الخضراء كسهله السخيّ.
فما سوى هكذا نستحقّ لبنان، ونستحقّ أن نكون أبناء لبنان.