777: المرأة العربية بين يومها العربي ووضعها العربي

الحلقة 777: المرأة العربية بين يومها العربي ووضعها العربي
لـيوم الأربعاء 4 شباط 2009

هل تكفي، احتفاءً بـ”يوم المرأة العربية”، احتفالاتٌ تقام هنا أو هناك أو هنالك، منها الخطابي، ومنها المآدبي، ومنها الاجتماعي، تنتهي غالباً فور انصراف الجمهور وسكوت التصفيق وانطواء التغطية الصحافية والإعلامية؟
وهل تصل المرأةَ العربيةَ حقوقُها بإقامة احتفالات تذكيرية لا تَحصد أكثر من مظاهرة أو اعتصام أو صدور بيان؟
المرأة العربية، قبل كل هذا وبعد كل هذا، في حاجةٍ أُولى الى نزع الصورة النمطية عنها كي تتنفَّس حضورَها أولاً، وبعدها لن تعود في حاجةٍ الى أحد ولا أيِّ شيء كي تُثبتَ حضورَها كأقوى ما تَملأُه المرأة العربية من حضور.
أيّةَ امرأةٍ عربية نُسَوِّق، حين هي في الصحافة والإعلام باكيةٌ نائحة على أطلال بيتها أو جثمان ولدها، أو هي مقموعةٌ في مُجتمعٍ ذُكوريِّ يُحرّم عليها التنفُّسَ الاجتماعي والظهورَ السافر وقيادةَ السيارة والتجوُّلَ الفرديَّ الحرّ وقرارَ الزواج أو رفضَه، ويفرض عليها التبَعِية لِبَعْلِها أو والدِها أو شيخِ قبيلتِها أو سيدِ العشيرة؟
أيةُ امرأة عربية هي هذه التي لا يتاح لَها بلوغُ كرسيِّ المشاركة في الحكم إلاَّ في ثياب الحداد على زوج أو شقيق أو داعم، ثم تطالب بالـ”كوتا” في مُحاولة يائسة لاقتطاف مكان أو نصيب أو مشاركة؟
هذه هي الصورة النمطية التي يَخلُقُها المجتمع العربي ويروّج لها الإعلام العربي، ولا تعود تنفع بعدها أيَّةُ ذكرى أو احتفالات بـ”يوم المرأة العربية” تنتهي عند انسدال الستارة على مسرح الاحتفال.
غير أن المرأة العربية، في واقعها العملاني، ليست مُقزَّمةً بِهذه الصورة. ويُمكنها أن تكون على أنصع صورة عالَمية تنافس زميلتها في أيّ بلد حضاري، ولنا أمثلةٌ في سيداتٍ عربياتٍ مشرِّفاتٍ تَوَلَّيْنَ وَيَتَوَلَّيْنَ مناصب سياسية وإدارية ودبلوماسية لا تقلُّ أهميةً عن زميلاتها العالميات لدى وزارة الخارجية في دولة كبرى أو مقعد نيابي في برلمان عالمي أو مركز قرار في محفل دولي كبير.
هكذا فليَشهَر المجتمعُ العربي المرأةَ العربية على جوهر حقيقتها الخلاَّقة المبدعة، بعقلها المضيء وإنْجازاتِها العلمية والفكرية والإدارية والسياسية والدبلوماسية، وفي كلّ حقلٍ قادرةٌ هي فيه على منافسة الرجل بل التفوُّق عليه في غير قطاع.
وليعمد الإعلام العربي الى إبراز هذا الإشعاع النَّسَوي العربي، كي لا تظل المرأةُ العربيةُ باكيةً بَكَّاءة، نائحةً نَوَّاحة، مسلوبةَ الصوت والقرار، مغلوبةَ الوضع والحضور، كأنما العالم ناظرٌ الى حجْز فندقٍ في القمر، فيما المرأة العربية ناظرة الى وجه القمر من شقوق خيمتها في حَرَم القبيلة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*