الحلقة 720 : الى الوزراء الذين يَصُوغُون البيان الوزاري
(الأحد 20 تموز 2008)
وأخيراً… تشكَّلَت الحكومة بِما فيها ومَن فيها، وجاء إليها مَن هو الوزير المناسب للوزارة المناسبة، ومَن جاء إليها لاعتباراتٍ سياسية أو مذهبية أو انتمائية (بدون اعتبار لقدراته أو اختصاصه للوزارة التي تولاّها)، ومَن جاء تكملةً لكوتا مُحاصَصةٍ موزايـيكية إلى وزارة أُعطِيَت له تنفيعةً لترتيب وضعه الانتخابي بعد عشرة أشهر.
تشكَّلَت الحكومة بعد عَسيرِ مَخاضٍ وكثيرِ انتظار، وبعدما كان الناس ينتظرونَها ويريدونَها بأيِّ شكلٍ تكون، فالمهمّ أن تأتي كي تتحرّكَ الساعة المتوقِّفة في البلاد.
أما وهي تشكَّلَت، كما تشكَّلَت، فالمأمولُ أن تَخرجَ ببيانٍ وزاريٍّ لا ينال فقط ثقة النواب في مَجلسٍ تَعَوَّدَ رفْع الأصابع، بل أن تنال ثقة المواطنين الذين انتظروها لا بفارغ الصبر بل بفارغ اليأس.
والمهمُّ أن يَخرجَ البيان الوزاري عن مألوف الكليشيات المعلوكة التي في العادة يركّبها مُعِدّو البيان الوزاري رفْعَ عَتَب كي يقولوا ما لا يعنونه، وكي يقال إنهم قالوا ولا يعود مهماً بعدها أن ينفّذوا ما قالوه أو لا ينفّذوا.
ما يَهُمُّنا نَحن، أهل الثقافة في لبنان، من المقطع المتعلّق بالثقافة في البيان الوزاري، ألاّ يكونَ كلاماً في كلام، رفعَ عتَب، إرضاءً للمثقَّفين، حُبوبَ ڤاليوم تُخدّر المثقَّفين كي لا يشعروا بأن وزارة الثقافة كمالة عدد بين الوزارات، أو جائزة ترضية في آخر العنقود الوزاري.
ما يَهمُّنا نَحن، أهل الثقافة في لبنان، من المقطع المتعلّق بالثقافة في البيان الوزاري، وعشيةَ تظاهراتٍ ثقافيةٍ كبرى آتيةٍ الى لبنان سنة 2009، أن يَجيء في نصِّ البيان الوزاري كلامٌ رؤيويٌّ واعٍ عظمةَ “الفعل” الثقافي في لبنان، لا “القول” الثقافي في أيّ وطن.
فالذي يبقى من العهد الرئاسي، أيِّ عهدٍ رئاسيّ، بعد انقضاء العهد، هو الأَثَر الإبداعيّ الأبقى من معظم إنْجازاتٍ سياسيةٍ يُحقِّقها سياسيو العهد.
معظمُ الإنْجازات السياسية رمالٌ عابرةٌ يذروها الْموج بدَداً بين حصى الشاطئ، بينما الإنْجازات الثقافية الإبداعية شَواهدُ صخريةٌ ثابتةٌ لا تُـحَـتِّـتُـها الأمواج، ولو بعد أطنانٍ من السنين.
فيا الوزراءُ الْمولَجُون صياغةَ البيان الوزاري: هاتوا لنا في بيانكم صخراً ثقافياً أبقى من الْموج، لا رمالاً عابرةً تذروها الأمواج عند أوّل نَـوّ.