الحلقة 718: ثلاث رسائل إلى وزراء الثقافة والسياحة والبيئة
(الأحد 13 تموز 2008)
لا لأُهنِّئَكُم أَكتُب، بل لأَشُدَّ على أيديكم منتصراً لكم أنكم تولّيتُم حقائب “ترضية”، لَم يطالب بِها أَحد طوال كل هذا الشدّ بالحبال السياسية والتجاذب السافر حول تقاسم الأحزاب والطوائف والتكتلات والكتل والتيارات قالبَ الجبنة الحكومي.
كانت مشادّاتُهم موجَّهةً إلى الوزارات “السيادية”، ومصوَّبة إلى الوزارات “الخدماتية”، ومشيحةً عن وزارات سَمَّوها “ثانوية” و”متواضعة”، ومنها الثقافة والسياحة والبيئة.
ولكن: خُذوا كم ان وزارات الثقافة والسياحة والبيئة ليست “ثانوية” ولا “متواضعة” بل هي “سيادية” (ولو انّها ليست “خدماتية” تَخدم بوانتاج الانتخابات في أيار المقبل).
فوزير الثقافة (تَمام سلام) تنتظره أحداثٌ وأنشطة كبرى لعام 2009، إنّما تَحضيرُها طوال النصف الباقي من هذا العام. تنتظره مثلاً “بيروت عاصمة عالَمية للكتاب” وستستقطب بيروت كبرى عواصم العالَم ومُدُنهِ الحضارية. وتنتظره الألعاب الفرنكوفونية وهي من أبرز التظاهرات الثقافية في العالَم، ومَجْدٌ للبنان أن تَحدُث فيه. وينتظره استكمال المكتبة الوطنية بِهِبةٍ من قطر (مرةً أُخرى: قطر!)، وتنتظره المباشرة بـ”دار الثقافة والفنون” وهي واجهة لبنان الثقافية، إلى أنشطة أخرى ومشاريع كان بادئاً بِها صديقُنا الوزير طارق متري الذي (طالَما هو باقٍ في التشكيلة الحكومية الجديدة) لَم نفهم لِماذا لَم تَبْقَ معه هذه الوزارة ليُكمل ما به بدأ.
ووزير السياحة (المحامي إيلي ماروني) تنتظره واجهةٌ سياحية كبرى، واحدٌ من عناوينها الرئيسة التصويتُ الإلكتروني لتكون مغارة جعيتا إحدى “عجائب الدنيا الطبيعية السبع”، وينتظره موسم سياحي حافل يُؤْمَلُ أن يستقطب مئات الآلاف من السيّاح (مع ما في ذلك من موردٍ كبيرٍ لِخزينة الدولة)، وينتظره تأهيل مواقعَ سياحيةٍ حالية، وترميمُ مواقعَ مهدَّدةٍ بالاندثار، وتنظيفُ مواقعَ أخرى حوّلَها الزوار مكبّاتٍ للزبائل، وتنتظره مشاريع سياحية فنيةٌ من شأْنِها تنصيعُ صورة لبنان السياحية في العالَم.
ووزير البيئة (الطبيب طوني كرم) تنتظره ورشة بيئية كبرى مطلعُها تنظيف لبنان من نفايات سامة دفَنَها قراصنتُها في تراب لبنان بتغطية سياسية وقحة. وتنتظره ورشة تنظيف لبنان ساحلاً وشاطئاً وبَحراً وجبلاً وأحراجاً وغاباتٍ، وينتظره مشروعُ اغتيال دواخين معمل زوق مكايل الذي يغتال الناس يومياً بسرطان دخان منتشر في فضاء كسروان، متربصٍ على أوتوستراد الزوق بالذاهبين شمالاً والذاهبين جنوباً والساكنين تحت أطنان فتافيت دخانه الأسود.
ثلاثة وزراء جدد لثلاث وزارات لَم يطالبْ بِها أحد فجاءت “جوائز ترضية” لسَدّ فراغ موزاييك سياسي، وتكملة خارطة الجهات أو الطوائف التي كانت تنقُصُها بعدُ حقيبةٌ لتكتمل حصَّتُها السياسية.
فعسى أن يُثبت الوزراء الثلاثة جدارةً في إدارة هذه الوزارات الثلاث (ليُرضوا أولياء الأمر الذين منحوهم إياها “جوائز ترضية”) حتى إذا جاءت الحكومة المقبلة وجدَت هذه الحقائب من يطالب بِها “سيادية” في صدارة الوزارات.
إلى الوزراء الثلاثة تَهنئة الأمل وتَحية الانتظار أن يكونوا على حجم الأمل، بِجعل هذه الوزارات الثلاث “سيادية” بامتياز، فلا تعود “جوائز ترضية”، في اللحظة الأخيرة، لاستكمال الموزاييك السياسي.