559: قلبي عليك هذه الليلة
(الأحد 24 كانون الأول 2006)
قلبي عليك، تزور الأرض هذه الليلة، وتمرُّ بنا ونحن ما نحن عليه.
هذه الأرض التي قلتَ أنْ ليست منها مملكتك، كم كنتَ على حق لأنّها لا تشبهك.
يا سيد الأرض والسماء، كم بعيدة عنك الأرض وكم بعيدة عنا السماء.
تمر بنا الليلة، ويا خجلنا أمام عينيك البريئتين مما سترى عندنا، نحن الذين فعلوا كلّ شيء إلاّ الذي أوصيتنا به من محبّة وسلام .
“المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر”؟ وها نحن الليلة لا نستحق مجد الله في العلى، ولا نحقق على الأرض السلام، ونغتال الرجاء الصالح لبني البشر.
يا طفل المغارة، ويا خجلنا من مغارتك المحاصرة اليوم بالخناجر والسكاكين على أرض فلسطين، ويا خجلنا من المغارة التي على أرضنا في قانا محاصرة بالانشقاق والتفسُّخ بين إخوة العائلة الواحدة.
يا طفل المغارة، وأنت بشّرت: “كونوا واحداً كما أنا وأبي واحد” ولكننا، أيها الإله الواحد، لم نعرف أن نكون واحداً، ولا عائلة واحدة، ولا وطناً واحداً نستحق أن ننتمي إليه.
يا طفل المحبة، وأنت في ساعة الغضب حملتَ كرباجك ودخلتَ غاضباً على الهيكل تجلد تجاره وكتبته وفريسييه، لا تأتِ الليلة إلينا بغصن الزيتون ولا ببراءتك، بل تعالَ الليلة إلينا حاملاً كرباجك الموجع، كرباجك الـ من غضب ونار، واجلُد به، أُجلُد به، أجلد به هؤلاء الكتبة عندنا، هؤلاء الفريسيين بيننا، هؤلاء اليوضاسيين في وطننا، هؤلاء التجار بين المسؤولين عندنا، تجار الموت والشعوب والأوطان والأخلاق، فليس بيننا – يا سيد – يوضاس واحد، بل عصابةُ يوضاسيين، وها نحن هيأنا لهم حبال الشنق، فدُلَّنا أنت على التينات اليابسة.
يا سيد الرحمة، لا ترحمهم. يا سيد الغفران، لا تغفر لهم.
“إغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”؟ بل بلى، يا سيد المعرفة أنت، يعرفون، بلى، يعرفون ماذا يفعلون، ويخونونك وهم يدرون ماذا يفعلون، ويخالفون تعاليمك وعيونهم مفتوحة أمامك بكل صلف، فاجلُدْهم يا سيد الكرباج، وأنت علّمتنا أن نغضب ولا نبغض. لن نبغضهم، لكننا سنغضب، ونسألك أن تجلدهم أنت بكرباج الغضب.
يا طفل المغارة، أدخُل بيوتنا هذه الليلة، نقِّها من اليوضاسيين، إحتضن أطفالنا في لبنان وأهالينا في لبنان، واطرد خارجاً جميع اليوضاسيين إلى الظلمة البرّانية.
قلبي عليك تزورنا الليلة ونحن ما نحن عليه، فليكن قلبُك علينا، وخلّصنا من الكتَبة بيننا والفرّيسيين.