553: … وتبقى بيروت مدينة للحياة

الحلقة 553: … وتبقى بيروت مدينة للحياة
(الأحد 3 كانون الأول 2006)

شكراً لإدارة “صوت لبنان” التي أصرّت على إقامة الندوة الخاصة بثلاثين الإذاعة في كنيسة مار الياس أنطلياس ضمن معرض الكتاب المسيحي الذي ينظمه الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة – فرع لبنان.
وشكراً لإدارة مهرجانات بعلبك الدولية التي أصرّت على تقديم مسرحية “صح النوم” في البيال، ليصدح صوت فيروز في ليل بيروت المضطرب فيعيدَ إليه وهجَ الصوت الذي قد تخفُت جميع الأصوات إلاّه وتبقى فيروز نجمة نجماتنا على الإطلاق.
وشكراً للأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية التي أصرّت على تقديم أمسيتها الكلاسيكية في كنيسة جامعة القديس يوسف – مونو، وأعلن مؤسسها رئيس الكونسرفاتوار الدكتور وليد غلمية أن هذا نوعٌ من التحدي الثقافي الإبداعي.
وشكراً لكل تظاهرة مسرحية وسينمائية ومنبرية لم تتوقف أمس ولا أول من أمس في بيروت، لتبقى الثورة الإبداعية الفنية الثقافية هي هي الثورةَ البناءة التي تعمّر تراثَ شعبٍ يصرّ بعض ضئيلٌ منه أن يكون قطيعاً تحت عصا السياسيين.
وهذه هي المقاومة الثقافية التي تؤرِّخ صفحةً ناصعةً لوطنٍ يتخبّط تحت تخبط سياسييه. هذا هو التحدي الذي لا يعرف شارعاً وشارعاً مقابلاً، بل يعرف مسيرة إبداعية لوطن هو نجم الإبداع الرائع في هذا الشرق. التحدي الذي يبقى على الأيام لا يولد يوماً في شارعٍ ما في ظرفٍ ما ليصبح نسياناً في يومٍ ما، بل يولد ذات يومٍ ليبقى كل يوم إلى آخر يوم.
تعبُر جميع الثورات والمظاهرات واليافطات والاعتصامات والشعارات والتأييدات والتهييصات والتعييشات وجماهير الشوارع والطرقات، تعبر المناسبات والخطابات والسياسات والاصطفافات والانقلابات والرئاسات والحكومات وكراسي الوزارات ومقاعد النيابات، جميعها تعبر تعبر، وتبقى وحدها الأعمال الإبداعية خالدةً على الزمان لا يوقفها شارع ولا تطفئها مظاهرة، ولا يعطّلها اعتصام، ولا يشلّها خطاب سياسي.
وحدها تبقى ثمار الإبداع، فتعبر الأحداث أياً كانت وأنى كانت في هذه المرحلة من عمر لبنان، وتبقى ثمار الإبداع إلى كل عمر في لبنان. وبيروت، التي في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة كانت ملفَتَ شاشات التلفزيون في العالم، أثبتت أنها مدينةٌ للحياة، مدينةٌ للنور الإبداعي، وليست مدينة الشوارع المتقابلة التي توحي كأنها سائرة إلى الموت.
أبداً. لا أحد يودي ببيروت إلى اصطفافات الموت. بيروت مدينة للحياة. لبنان كلُّه وطن للحياة التي تقوى على كل موت.
هكذا صوت فيروز الذي يعنون مجد لبنان، وهكذا الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية التي تعنون رقيَّ لبنان، وهكذا رسالة “صوت لبنان” التي تبقى عنيدةً في إبقاء لبنان وطناً للحياة الأقوى من كل خطر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*