489: … ولماذا لا تلجأ الدولة إلى الفيديو كليب؟
(الأحد 16 نيسان 2006)
أزعجَ أحدَهم قولي في الحلقة السابقة (الأربعاء الماضي) إن شعبنا بكامله في حاجة إلى إعادة تأهيل. واعتبر أننا شعبٌ عظيمٌ ولا يجوز الكشف عن مثالبه مهما يكن، وخصوصاً في هذه الفترة الراهنة بالذات.
أولاً: فلنكُفّ عن التحجُّج بعبارة “الفترة الراهنة” لأن كل فترة راهنةٌ، فلا حاجة إذاً للانتظار كي نبدأ. البدء بالإصلاح لا ينتظر حدثاً بل حالة، والحالة مهيَّأةٌ في أي وقت.
ثانياً: الشعب وحده لا يمكن أن يبادر إلى إعادة التأهيل من نفسه بنفسه، بل هو يخضع لإعادة التأهيل.
ثالثاً: الجهة المخوّلة والمهيَّأَة والمفترضُ فيها البدء بإعادة التأهيل هي الدولة.
رابعاً: من قال إن إعادة التأهيل تعني مسح الطاولة كلّياً وتركيبها من جديد؟
إن إعادة التأهيل تبدأ بخطوة. وهذه الخطوة تملكها الدولة. فماذا لو بدأت بالخطوة الأسهل، وهي مسايرة العصر بالفيديو كليب، الذي يغزو بيوتنا وتلفزيوناتنا وصبايانا وشبابنا ويقدم التافه والرخيص ومضيعة الوقت على مشاهد ومناظر نادراً ما تليق ببيوتنا وتلفزيوناتنا وصبايانا وشبابنا بل تعطي عنهم وعن بلدنا فكرة خاطئة ومشوهة!
وطالما العصر عصر فيديو كليب، فلماذا لا تتحرك الدولة نفسها، كل وزارة بحسب اختصاصها، فتنتج فيديو كليب من دقيقة أو أقل أو أكثر، فيه توعية مواطنية على بديهيات المواطنة، كأن نرى في فيديو كليب سائقاً أرعن يقود زيكزاكياً، أو سائقاً يقود بدون حزام أمان، أو سائقاً يقود وهو يتحدث بالخلوي، أو سيدة شوساء تدلق ماء الشطف من بلكونها على الطريق العام، أو خواجة في سيارة فخمة يرمي قشرة موز من نافذة سيارته، أو أيَّ مشاهدَ أخرى تثير الاشمئزاز والنفور، وما يقابلها من علاج مناسب ومحاضر ضبط ومخالفات، فيرتدع المواطنون خجلاً عن القيام بمثل ما يراه الناس ويشمئزون منه في الفيديو كليب، ويكون هذا علاجاً أول على طريق إعادة التأهيل.
إن الإصلاح تلزمه إرادة. والإرادة يلزمها حزم. فلْنتعلم من دول العالم كيف تكون الإرادة، وكيف يكون الحزم، وكيف من الإرادة والحزم تنشأ… هيبةُ الدولة.