الحلقة 478: طلابنا الجامعيون بين السيجارة والخلوي
(الأربعاء 8 آذار 2006)
حملت إلينا وكالات الأنباء أن السلطات الأُردنيّة زادت الضرائب على سعر علب السجائر بنسبة 40 إلى 50 فلساً للعلبة أياً يكن نوعها. وهذه زيادة جديدة بعد ضريبة كانت الحكومة الأردنية فرضتها في حزيران الماضي على السجائر بنسبة 16%. ودلَّت الإحصاءات الأُردنية الرسمية على أنّ المدخنين يبلغون 50% من الشعب، وأنّ معدّل الإنفاق السنوي على التدخين في المملكة تبلغ نحو 700 مليون دولار، وأن شركات التبغ والسجائر ترفد الخزينة بنحو 300 مليون دولار سنوياً.
أسوق هذا الكلام للتدليل على هذه الآفة التي تعصف بالناس بدون رحمة على صحتهم وصحة المحيطين بهم، وأذهب بتفكيري إلى فئة الشباب من شعبنا، حين أتجوّل محاضراً أو زائراً في الجامعات وأرى الكثيرين من شبابنا وشاباتنا يتحركون وسط ملاعب الجامعات، في يدٍ سيجارة وعلبة سجائر، وفي اليد الأُخرى جهاز الخلوي يتكلمون به في حديث سطحي ترفيهي.
وإذا كان صحيحاً أنْ لا علاقة لأحدٍ بالتدخل في هذا الشأن، ولا بشأن المدخنين إجمالاً، فالصحيح أيضاً أن هذه الآفة التلويثية هي أخطر السرطانات على الإطلاق في مجتمعاتنا، وخاصة بين أيدي الفئة الطرية من أبنائنا وبناتنا الذين يتركون وراءهم على أرض الجامعات أعقاب السجائر في كميات مخيفة مرعبة قاتلة.
وحين نعرف أن ولاية لويزيانا الأميركية منعت التدخين كلياً حتى في الأماكن المفتوحة العامة، وعلمنا الآن ماذا قررت الحكومة الأردنية رغم المردود العالي من مبيع السجائر على الخزينة الأُردنية، ندرك أن مجتمعنا سائر إلى موت جماعي يسببه التدخين القاتل المقرف المؤذي المدخين والمحيطين بالمدخنين.
وإذا كانت حرية الفرد تنتهي عند حدود حرية الآخرين، فإن دخان السيجارة يتجاوز حدود الآخرين ليتغلغلَ في رئاتهم وثيابهم وشعرهم بدون استئذان ومع ذلك لا يزال المدخنون يتجولون بيننا ويدخنون بدون استئذان.